29 سبتمبر 2025
تسجيلانتشرت كتابات صحفية متفرقة من هنا وهناك على مد الوطن العربي تناولت بالتحليل والانطباع عن الجولة الميمونة الأخيرة لسمو أمير البلاد المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لست دول من دول غرب أفريقيا، وتوافقت معظم الآراء على أن هذه الجولة تعد جزءاً من توجه الدوحة من أجل فتح أسواق في بلدان تتمتَّع بإمكانات اقتصادية قوية. ومن هذا المنطلق بنت اجتهادات المتابعين على أن دولة قطر تسعى لفرض صورتها من هذه الجولة كفاعلٍ دوليّ ملتزمٍ بقوة بتنويع علاقاته مع دول العالم. بلدان افريقيا والتي يطلق عليها "ارض الذهب" لم تعد أرضاً لا حياة فيها، فالواقع يشير الى ان معدلات النمو الاقتصادي يسير نحو جعل بعض منها من العمالقة في المستقبل، ودولة قطر حين وجهت مؤشرها نحو هذه القارة السمراء فهي تستند على رؤية استراتيجية تسعى من خلالها الى الحصول على دعمٍ استراتيجي يحرك المياه الساكنة في دهاليز السياسة التي أفسدت كثيرا من العلاقات الودية مع بعض الدول الأفريقية. جولة سمو الأمير المفدى لهذه الدول أعطت حقيقة استمرار نهج المصالح المشتركة والتعاون مع كل دول العالم، ومنها دول القارة السوداء التي تبذل قطر في سياقها جهوداً كبيرة لتطوير حضورها في أفريقيا، ولا ننسى وقوف دول مؤثرة في القارة مع قطر في أزماتها، كما وقفت دولة قطر مع دول أفريقيا مواقف كبيرة لحل النزاعات بين بعضهم البعض في مختلف مفاوضات السلام. نوايا قطر تتجه دائما نحو بناء ثقة متبادلة بين الطرفين من خلال السعي للحصول على شركاء اقتصاديين في أفريقيا لتوفير فرص التنمية والاستحواذات لصندوق ثروتها السيادية الطموح "جهاز قطر للاستثمار" فكانت أراضي أفريقيا الغنية والصالحة للزراعة هي الحل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء. وبالطبع وفي ظل ظروف الحصار الغاشم فان قطر تتطلع إلى حلفاء سياسيين لمواجهة الخلاف الذي يضع قطر في مواجهة جيرانها من الدول الخليجية. تؤكد جولة سمو الأمير لأفريقيا أنَّ قطر لم تتعرَّض لعجزٍ مالي جرَّاء المقاطعة المستمرة منذ ستة أشهر، واظهرت الجولة للذين يترقبون نتائجها بموضوعية أنها حققت أهدافها في إظهار قدرة الدوحة على منع منافسيها من تقليص نفوذها في المجتمع الدولي، ووضعت حجر أساس قوي نجحت فيه بتحقيق مشروعات التنمية، ومن هنا وجدت الجولة ترحيبا كبيرا من هذه الدول رغم الضغوط التي واجهتها من السعودية والإمارات للانضمام إلى دول حصار قطر ولم تفلح. لا يغيب عن المتابع إمكانية استفادة الدول المشمولة في الجولة من خبرات قطر وإمكاناتها لتفعيل اتفاقيات التعاون بينهما، والتي تضع قطاعات الطاقة والبنية التحتية والاتصالات والزراعة والتعدين والتعليم والتعليم العالي والثقافة على رأس أولوياتها، بالاضافة الى فتح المجال لرجال الأعمال والمستثمرين القطريين لإقامة مشاريع حيوية فيها مع وجود رغبة مؤكدة بتسهيل إجراءات الاستثمارات القطرية. التوجه القطري في تعميق علاقاتها مع القارة الأفريقية بإمكانياتها وثرواتها وعدد سكانها الضخم، يلقي بمزيد من الأضواء على ما يمكن أن تلعبه قطر خلال العقد القادم، وهي مسيرة طموحة وطويلة نحو آفاق عالمية تسعى إلى تحقيقها عبر شراكات وتفاهمات مع الآخرين. ختاما استرعت جولة سمو الأمير المفدى نحو أفريقيا قدرا عظيما من الاهتمام الإعلامي الدولي، وفسرها المتابعون على أنها جاءت في إطار كسر طوق الحصار الذي فرضه عليها جيرانها، ونحن نبارك ذلك وسلامتكم.