30 سبتمبر 2025
تسجيليقال هذا المثل في موضع إثبات الإنسان لعزة نفسه وإبائه في مواقف الذل والخنوع، حتى وإن كان من ورائه المال والعيش ولمن يصون نفسه في الضرّاء عن المكاسب الدنيوية، أي لا يمنعه من صيانة نفسه شدّة فقره، هذا المثل يقال عن المرأة التي لا تؤجر ثديها لغير أبنائها، ولو أهلكها الجوع والفقر، ويقال أيضا عن الرجل الذى ينأى بنفسه عن التكسب من العمل الخسيس الدنيء، ولو كان في ضنك من العيش أو ضائقة مالية. لم نكن مجبرين على أن نفرط في مبادئنا كما فرطنا فيها، ولم يكن فقرنا قاتلا، لأن نبيع رضاعة أطفالنا في ثدي أمهاتهم، كان يجب أن نحترم كرامتنا وشرفنا، إلا أن الشقيقة الصغرى البحرين ضربت كرامتنا عرض الحائط في الزيارة المشؤومة التي قام به وفد /هذي هي البحرين/ مؤخرا إلى الكيان الصهيوني، حاملا ما قيل إنها رسالة سلام من ملك البحرين، وأعقب ذلك ردود فعل غاضبة. بالطبع شرفاء البحرين لم ترضهم هذه الزيارة وأنها جاءت متزامنة مع الاحتجاجات العربية على القرار الأميركي بشأن القدس، بكل مبرراتها الرسمية غير المقنعة، أقوى ردود الفعل أن القدس استطاعت أن تجمع الشعب البحريني على قلبِ رَجُلٍ واحد سُنّةً كانوا أم شيعة، فبعد الزيارة انتفض البحرينيّون رفضاً لتلك الزيارة ونَدّدوا بها واعتبروها لا تُمثّلهم، وأعلنوا براءتهم منها، كما أعادوا التذكير بجيش البحرين لتحرير فلسطين العام 1948. في ذات الوقت، أدان أكثر من 130 عالما دينيا شيعيا التطبيع مع العدو الإسرائيلي، واستنكروا بشدّة زيارة الوفد الحكومي البحريني للكيان الإسرائيلي، وبحسب بيان أصدره العلماء أعلنوا فيه رفضهم القاطع لأيِّ شكلٍ من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، وإدانتهم الشديدة لهذه الخُطوة. وتقول جمعية /هذه هي البحرين/ أنها تضم مجموعة من البحريين والأجانب المقيمين في البحرين الصغيرة وأن عملها ينصب على الدفاع عن /الحرية الدينية/ ومبدأ التعايش بين الأديان. من يتابع المشهد الخليجي الجاري باندفاع نحو التطبيع، يدرك أن بعض دول الخليج تحضر لمشروع يسارع رسميا وعلنيا للتطبيع مع إسرائيل، ويثبت إعلان علاقاته مع اسرائيل من خلال تلك الزيارات /المُتبادلة/ تحت عنوان التسامح والسلام، وهي حيلة ساذجة لن تمر على الشعوب العربيّة وتم وأدها في جحرها لأن واقع الشعوب العربية وعتها أيضا كل الدول الإسلامية، ووضع هذا الرفض العربي الحكومات العربية بما فيها حكومة البحرين المفلسة ماليا وأخلاقيا في موقف مُحرج، وهو الإحراج الذي دفع الرأي الرسمي للتراجع، والتبرير بأنها ليست وفوداً رسميّة. بيان الجمعية برر الزيارة بانها تأكيدا لمبدأ /لتسامح والتعايش/ وهي خطوة جاءت بمبادرة فردية، وهذا الوفد لا يمثل جهة رسمية بحرينية، وقالت الجمعية في البيان الذي نشرته وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عقب الزيارة //أن الوفد الذي ضم في عضويته بعض الأجانب المقيمين بالبحرين من ديانات مختلفة، لا يمثل أي جهة رسمية في مملكة البحرين، وإنما يمثل الجمعية ذاتها وقام بتلك الزيارة بمبادرة ذاتية//. لقد صرنا في زمان يُذبح فيه الشرف، وتستحيى فيه الفضيلة، ويرمى أهل الصيانة والطهر بكل عظيمة، ونقول واحسرتاها على هذه الأمة التي فيها مثل تلك الحكومات المستجدية للأموال تحت مبررات مزيفة. أين المروءة، والشرف، والغيرة، والشهامة؟! وإن ذهب كل هذا فعلى الدنيا السلام. وسلامتكم