28 أكتوبر 2025
تسجيلبعد أن أصبت بداء السفر، والمشاركة في الملتقيات المتعددة، هنا وهناك، ولقاء الأصدقاء من الكتاب، وأيضا لقاء كتاب شباب، يهمهم أن أقرأهم، أصبحت أتلقى هداياي من الكتب، بعضها مباشرة من أيدي من ألتقيهم، وبعضها مرسل بواسطة آخرين، وأحيانا أجد كتبا ملقاة أمام غرفتي حيث أقيم، وعليها إهداءات، وبلغ في إحدى زياراتي لدولة عربية أن وصلني سبعون كتابا تتراوح بين الشعر والرواية والمسرح والخواطر، سهرت في تقليبها ليلة سفري لبلدي، ولم أعرف كيف أحملها، وأيضا كان من الصعب تركها، وكان أن وضعتها في حقيبة إضافية، وحملتها معي، بما يشكل وزنا زائدا لحقائب السفر، وعبئا على الذهن أن يفكر حتى في إمكانية قراءة كل ذلك.أعتقد أن الكتاب هو بطاقة الكاتب التعريفية، وبها يمكنه أن يكتسب معارف وأصدقاء، وأيضا يمكنه أن يقدم نفسه لدور النشر التي لا تعرفه، وللمستشرقين الأجانب حين يزورون بلده، طمعا في ترجمة. الكاتب المبتدئ أو الشاب، أكثر حاجة لبطاقته التعريفية، ودائما ثمة عشم في كتاب كبار ومخضرمين أن يطلعوا على نتاجه ويقيموه، وأعرف شخصيا من ذكريات البداية، أن الكتاب المطبوع لكاتب شاب، لم يظهر هكذا في المكتبات أو في يد صاحبه، بمعجزة، لكنه ظهر بعد خوض كثيف وطويل في وحل غير ضروري أبدا، وصيره الطموح المرافق لجرثومة الكتابة، وحلا ضروريا. الشاب يتعب كثيرا، ويطرق أبواب النشر، ويوفر من ماله، ويدفع، ويفرح حين يرى الكتاب، ويود أن يفرح حين يخبره الكبار بأنهم قرأوه وأحبوه، ولا أكثر من إحباط حين ينتهي كتابه بعد هذه الرحلة الطويلة، إلى طاولة في غرفة فندق، أو سوق تباع فيها الكتب المستعملة، من دون أن يكون الكتاب قد استعمل. وفي الوقت نفسه كما قلت، يكون الكاتب القديم المقصود بالهدية، والمؤمل أن يقرأ التجربة ويقيمها، مثقلا بأعباء لا تسمح له بالتحرك بوصة بعيدا عنها، وبذلك يكون الإحباط مضاعفا، عند من أنتج بمرارة، ومن لا يستطيع تقييم الإنتاج، بمرارة أيضا.