12 سبتمبر 2025

تسجيل

زوايا مثلث الحياة

26 ديسمبر 2015

من الأشياء الجميلة التي تعلمتها من أبي "رحمة الله عليه" وعلقت في الذاكرة كمرجع أعود إليه بين الحين والآخر كلماته العظيمة التي ظلت محتفظة بقيمتها؛ لتحافظ على مكانته حتى بعد أن رحل عنا، وكانت حكيمة جداً لدرجة أني قد اعتدت اللجوء إليها؛ كي أخرج بحكم يُنصفني متى وجدت نفسي وسط موقف يتطلب مني ذلك، ومنها تلك الكلمات التي طرقت ذاكرتي هذا الصباح من جديد — لموقف عظيم ألا وهو المثول أمامكم؛ لتقديم تجربة حياتية فريدة —: (ان حياة المرء منا مجرد أيام منها ما قد عشناه وحصره الماضي في زاوية الأمس، ومنها ما نعيشه ويحصره الحاضر في زاوية اليوم، ومنه ما سنعيشه وسيحصره المستقبل في زاوية الغد)، والحق أن تلك الكلمات بالفعل تجمع كل التجارب المختزلة وبحرفية تامة، تحكمها وتُدير شؤونها (زوايا مثلث الحياة) التي تجعلنا لا نبكي على الأمس، ولا ننشغل باليوم، ولا نُسرف بالتخطيط من أجل الغد، ولكنها تحثنا على معايشة كل يوم بيومه حتى ننعم بالحياة التي نريدها، وبما أن العام الجديد على وشك أن يفتح أبوابه بعد أيام، فلاشك أننا بحاجة إلى توزيع ما قد كان منا سابقاً وسيكون منا لاحقاً على تلك الزوايا؛ في سبيل إدراك طبيعة ما سيحدث فيما بعد، وعليه فلنبدأ من زاوية الأمس التي لن نبكي عليها وعلى كل ما كان منها، ولكننا سنحصر الخبرات التي خرجنا بها منها تلك الزاوية؛ لنمتص الفائدة فحسب، أما ما سيتبقى فلا حاجة له بتاتاً، فإن تم المُراد، وجب علينا الانتقال لزاوية أخرى وهي زاوية الغد التي سنفكر فيما نريد تحقيقه فيها، والمكانة التي نحلم بلحظة بلوغها، حتى يصبح كل شيء واضحاً بالنسبة لنا كقرص الشمس، ولدرجة لا يستطيع العقل نسيانها أبداً حتى وإن كان الحديث عن مجد لم نحققه بعد، ولكننا عايشنا ظروفه حتى عرفناها جيداً وصرناً وبشكل تلقائي نعرفه أيضاً؛ بفضل الحاجة التي تحثنا على فعل ذلك؛ كي نتمكن من المطالبة بما نريده ونحن نعرفه على خير وجه فإن تم ذلك، كان لنا حق الانتقال لزاوية اليوم التي سنجمع فيها خبرات الأمس بأحلام الغد؛ كي نعمل وبكل جد من أجل تحقيقها، فتصبح واقعية على أرض الواقع. إن ما يمكننا الخروج به من كلمات والدي (رحمة الله عليه) هو واجب تلخيص كل عام من عمرنا بشكل يسمح لنا بتغطية كافة زواياه كما يجب؛ لأننا وإن فعلنا فسنكون كمن تمكن من مواجهة معادلة صعبة جداً، ساهم حلها بفك الأمور المعقدة؛ لتصبح أكثر سهولة إن كانت تعاني من الضبابية في مرحلة من المراحل.أيها الاحبة: إن التقدم الذي نبحث عنه في كل مكان؛ كي نسكبه على صفحة الحياة هو ما يجعلنا نسير دون توقف وإن بدت المسافات التي تفصلنا عما نريده بعيدة إلى حد ما؛ لذا نتابع دون أن نسمح للتعب بأن يغلبنا ويتغلب علينا، وهو ما يكون عادة بسبب الهدف الذي ينتظرنا في الجهة المقابلة ويحمل بين أمتعته العديد من الأشياء التي تخصنا فقط، ولا حق لسوانا بالحصول عليها، فمنها ما يُعد كمقابل عن كل الجهود التي سبق لنا وأن أقدمنا عليها، ومنها ما يُعد كمقابل عن جهود نُقدم عليها وأخرى سنُقدم عليها مستقبلاً، وسنحظى بما نستحقه متى حافظنا على توازننا وقررنا المتابعة رغم أنف الظروف، وبما أن الحديث عن الجهة المقابلة وما ينتظرنا فيها فلاشك أننا وكي نصل فنحن بحاجة إلى إنجازات يسرنا إدراكها من خلالكم؛ كي نفتخر بالطاقات التي نمتلكها وتستحق منا تسليط الضوء عليها، وعليه إليكم ما هو لكم أصلاً.من همسات الزاويةلا يهم حجم العمل الذي تُقدم عليه، ما يهم فعلاً هو أن تُقدم على فعل شيء (ما) يُنسب إليك؛ كي تُعرف بين أقرانك؛ لذا تقدم بعمل تحبه، وقدمه كما تحب بأن يُقدم لك وستفلح بإذن الله تعالى. وأخيراً كل عام والزاوية الثالثة زاوية مميزة ومتميزة تسعى إلى تقديم الأفضل دائماً.