11 سبتمبر 2025
تسجيللقد أصبحنا نرى في حياتنا وفي أشغالنا ونسمع عن شخصية تعيش وتتعايش مع من حولها بطبيعية وربما بأخلاق قد نراها عالية ومثالية، حتى يأتي يوم وتتم ترقية هذا الموظف ليصبح في مكان أو منصب عال أو على كرسي إداري لطالما حلم بالوصول إليه. وما أن يتسلم هذا المنصب ويبدأ بمهامه الإدارية الجديدة حتى يبدأ بالتكشير عن أنيابه كما يقال، ويبدأ وجهه الآخر بالظهور أمام زملائه الموظفين والذين كانوا يساندونه من قبل، وكانوا يعملون معه بقلب واحد وبكيان واحد، ولكن تحوله المرتبط بكرسيه الجديد قد خلق بينه وبينهم سوراً شاهقاً لا يستطيعون نقبه ولا تخطيه وكل ذلك وسط دهشتهم وتعجبهم من تغير ذلك الإنسان البسيط المتعاون إلى شخصية تحاول بكل تصرفاتها وقراراتها أن تفرض سيطرتها بطريقة لم يعهدها عليها زملاؤها من قبل، لاشك أن الوظائف الإدارية والمناصب الكبيرة في كل منظمة أو جهة عمل تحتاج لجهد إضافي من الموظف وخاصة حين ينتقل إليها فيحتاج لمعرفة أساسياتها وآليات ممارسة صلاحياته وواجباته وغير ذلك من تفاصيل الوظيفة الجديدة، ولكن ذلك لا يعد مبرراً ولا سبباً لمحاولة لبس قناع خشبي من المعاملة المتعجرفة ومحاولة فرض السلطة بالقوة، والتعامل بأسلوب الأفقية والاغترار بالنفس وبالكرسي لأنه كما يقال ببساطة شديدة لو دامت لغيرك ما وصلت إليك. فلابد أن يعرف صاحب هذه الشخصية المصابة بمرض العظمة المتعلق بالمنصب أن التواضع والتعامل بروح الفريق والأسرة الواحدة والزمالة القائمة على المساواة والاحترام والتواصل المبني على الأسس الإدارية ومهاراتها المكتسبة كل ذلك من شأنه أن يصنع منه مديراً ناجحاً، وأن يجعل من إدارته بيئة عمل صالحة ومريحة له ولزملائه الموظفين، وهذا بالطبع ما سيخلق إدارة مميزة ويجعل منه مديراً وقائداً لإدارة يشار إليها بالبنان، وبذلك تتحقق الأهداف التي وضع من أجلها في هذا المكان. والأهم من ذلك أن التعامل بالبساطة والأخلاق الراقية وفقاً للقوانين واللوائح المعدة له متعة وراحة تزيد أضعافاً مضاعفة عن التعامل بالأفقية المريضة، وهذا ما تغفل عنه هذه الفئة الخاسرة.