15 سبتمبر 2025
تسجيلتتميز السلطات المالية في السعودية بنشر الإحصاءات المتعلقة بالميزانية العامة سواء المقدرة أو الفعلية في التوقيت السليم، وهذا ما حدث فعلا الأسبوع الماضي عند الكشف عن الأرقام المقدرة لميزانية 2011 والنتائج النهائية للعام للسنة المالية 2010. باختصار، تعتبر ميزانية العام 2011 الأكبر في تاريخ السعودية فيما يخص الإحصاءات المقدرة للمصروفات الأمر الذي من شأنه المساهمة في تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية الحيوية فيما يخص تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي ومواجهة تهديد البطالة. تبلغ قيمة المصروفات المقدرة للسنة المالية 2011 نحو 154 مليار دولار مقابل إيرادات قدرها 144 مليار دولار ما يعني توقع تسجيل عجز مقداره 10 مليارات دولار. تزيد الأرقام المقدرة للمصروفات والإيرادات بواقع 7 في المائة و15 في المائة على التوالي عن تلك المقدرة أصلا للسنة المالية 2010 الأمر الذي يؤكد توجه السلطات السعودية لتوظيف الأدوات المالية العامة لتحقيق نمو اقتصادي يتناسب وحجم التحديات الاقتصادية. وتتوقع السلطات السعودية تسجيل نسبة نمو قدرها 3.8 في المائة للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة أي بعد التخلص من عامل التضخم. وقد عاود تهديد شبح التضخم في الفترة الأخيرة نتيجة أسباب متباينة تشمل ارتفاع وبقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا، والتي بدورها توفر الأرضية لقيام جهات مستوردة للنفط بزيادة أسعار صادراتها مثل المنتجات الزراعية. وفي كل الأحوال، تعتبر نسبة النمو هذه أي 3.8 في المائة بالأسعار الثابتة مميزة في ظل ظروف دولية ما زالت تعاني تداعيات الأزمة المالية العالمية والتي تم الإعلان عنها في صيف العام 2008 حيث تسببت بتصدع الثقة في الاقتصاد العالمي. من جملة الأمور الإيجابية، تتضمن ميزانية السنة المالية 2011 مخصصات ضخمة لبعض الأمور الحيوية مثل 40 مليار دولار للتعليم والتعليم العالي والتدريب أي ما نسبته 26 في المائة من مجموع النفقات. ويمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 8 في المائة مقارنة بمخصصات العام 2010. إضافة إلى ذلك، تشمل الميزانية مخصصات قدرها 18 مليار دولار للقطاعين الصحي والتنمية الاجتماعية ما يعني زيادة بنسبة 12 في المائة مقارنة بميزانية 2010. ومن شأن هذه الخطوات تعزيز مكانة السعودية على مؤشر التنمية البشرية حيث إنها تقع في قاع ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحاضر. وكانت السعودية قد نالت المرتبة رقم 55 على مؤشر التنمية البشرية للعام 2010 والصادر من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي متقدمة أربع مراتب مقارنة بترتيبها في تقرير 2009. ويعتمد مؤشر التنمية البشرية على ثلاثة متغيرات وهي العمر المتوقع عند الولادة ونسبة المتعلمين ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. أيضا تساهم زيادة النفقات العامة المساهمة في تحقيق الهدف الإستراتيجي والمتمثل في جعل الاقتصاد السعودي من بين أفضل 10 اقتصادات جذبا أو تنافسية في العالم. فحسب تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2010 والذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، تحتل السعودية المرتبة رقم 21 دوليا على قائمة أكثر الاقتصادات تنافسية في العالم. وقد تمكنت السعودية بتحسين ترتيبها 7 مراتب في غضون سنة واحدة وعليه حلت في المرتبة الثانية بين الدول العربية والإسلامية متخلفة فقط عن قطر والتي بدورها حلت في المرتبة رقم 17 على مستوى العالم. كما يتوقع أن تساهم المصروفات العامة في تعزيز مكانة الاقتصاد السعودي بالنسبة للمستثمرين الأجانب وبالتالي وعلى الخصوص للاستثمار في البنية التحتية مثل شبكة الطرق. حقيقة القول، تتربع السعودية على عرش الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في منطقة غرب آسيا برمتها وذلك استنادا لتقرير الاستثمار العالمي للعام 2010 والذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو الأونكتاد. فقد بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية 35.5 مليار دولار في 2009 ما يعني 52 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة لمنطقة غرب آسيا والتي تشمل الإمارات وتركيا. وليس من المستبعد أن يتم احتواء العجز المالي المتوقع للعام 2011 تماما كما حدث مع السنة المالية 2010. يعتقد بأن الجهات الرسمية أعدت ميزانية 2011 على أساس 45 دولارا للبرميل أي أقل بكثير من الأسعار السائدة في الأسواق في هذه الفترة على الأقل.وفيما يخص السنة المالية 2010، فقد تم إعداد الميزانية بنفقات وإيرادات قدرها 144 مليار دولار و125 مليار دولار على التوالي ما يعني وجود عجز متوقع قدره 19 مليار دولار. لكن تشير أحدث الإحصاءات المتوافرة إلى توقع فائض قدره 29 مليار دولار رغم زيادة النفقات بنسبة 16 في المائة. وقد حدث هذا التطور على خلفية ارتفاع أسعار النفط عن متوسط السعر الذي تم اتخاذه عند إعداد الميزانية العامة. حقيقة القول، يلعب القطاع النفطي دورا محوريا في الاقتصاد السعودي عن طريقة مساهمته لأكثر من ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة العامة فضلا والنسبة نفسها فيما يخص الصادرات. وبشكل أكثر دقة، بلغت مساهمة القطاع النفطي 91 في المائة من إيرادات الخزانة العامة للعام 2010 كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعار النفط مقارنة مع متوسط السعر المعتمد عن إعداد الميزانية. ختاما تعتبر الميزانية العامة مسألة حساسة في السعودية لأنها تشكل أكثر من ثلث الناتج المحلي بالأسعار الجارية. وبشكل أكثر تحديدات تشكل نفقات الدولة أي 154 مليار دولار نحو 36 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للعام 2010 وقدره 427 مليار دولار. وعليه من شأن زيادة أو تقليص النفقات العامة التأثير بصورة مباشرة على المؤشرات الاقتصادية مثل نتائج الميزانية العامة والناتج المحلي الإجمالي والنمو الاقتصادي.