11 سبتمبر 2025
تسجيلسيرة القائد الشهيد أحمد بحر رئيس المجلس التشريعى الفلسطينى يمكن أن تساهم فى تطوير علم القيادة، فقد عاش يكافح من أجل تحرير فلسطين، ويعمل لبناء وعى الأمة الإسلامية كلها بأن الشرف والخير والعزة فى التمسك بالمبادئ، وعدم التفريط فى الثوابت الوطنية مهما كانت قسوة الواقع. ولقد ساهمت الثقافة القرآنية فى بناء شخصيته القيادية، وملأت قلبه وضميره قوة، واعتزازا بالانتماء «لخير أمة أخرجت للناس»، فلقد بدأ الرجل حياته بحفظ القرآن بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يشكل أساسا لفهم شخصيته وكفاحه، ويوضح كيف يبنى القرآن الشخصية القوية الايجابية التى تعيش حياتها لتحقيق أهداف عظيمة، وتقدم التضحيات من أجل تحرير فلسطين، فهذا التحرير هو بداية نهضة الأمة الإسلامية. كان أحمد بحر حريصا على طلب العلم فى كل المجالات، لكنه ركز على اللغة العربية حتى حصل فيها على درجة الدكتوراه، وعمل لتعليم طلابه الاعتزاز والفخر بها ؛ فهى اللغة التى شرفها الله سبحانه وتعالى بأن تحمل رسالته الخاتمة للبشرية، وبذلك كان يعلم طلابه فى الجامعة الاسلامية أن الحديث باللغة العربية الفصحى، من أهم أسس القيادة، فالجماهير العربية تحترم الفصاحة والبلاغة. كان أحمد بحر نموذجا للأستاذ الجامعى صاحب الرسالة والمبادئ الذى يعلم طلابه ليصبحوا قادة لكفاح شعبهم انطلاقا من الوعى بتاريخ الأمة، وتجاربها ودورها فى تعليم البشرية المعرفة، وبناء الحضارة. والالتزام بالحديث باللغة العربية الفصحى دليل على أصالة القائد، فلا يمكن أن يعبر عن ارادة شعب إلا من يتحدث بلغته، ويعتز بها، لذلك كان أحمد بحر يقدم البرهان لشعب فلسطين على أصالته كقائد، ينشر نور المعرفة، ولقد قلده تلاميذه فى الجامعة، فتمكنت قيادات المقاومة الفلسطينية من كسب قلوب العرب بالحديث باللغة العربية الفصحى، وبالتعبير عن هوية الأمة، وبذلك يقدمون الأدلة على أن اللغة العربية تقاوم وتنتصر عندما يستخدمها القائد فى التعبير عن المبادئ، ويثير بها خيال العرب الحالمين بالحرية والاستقلال الشامل وتحرير فلسطين. هذا الدرس الذى علمه أحمد بحر للقيادات الفلسطينية التى تتحدى الآن قوة الاحتلال الاسرائيلى الغاشمة بايمانها وبشجاعة القلب والضمير، وبخطابها القوى المقاوم الذى يثير الخيال، وهى تعبر عن المبادئ بلغة عربية فصحى تعيد إلى الذاكرة صورة الصحابة الذين حرروا فلسطين من الاحتلال الروماني. واحتل أحمد بحر مكانته فى قلوب أحرار فلسطين فانتخبوه للمجلس التشريعي، ثم انتخبه النواب ليصبح نائبا أول، ثم رئيسا للمجلس بالنيابة، فقدم نموذجا للبرلمانى المسلم الذى يعبر عن ارادة الشعب الذى انتخبه، ويحرص دائما على التمسك بالمبادئ، والدفاع عنها، لذلك ظل أحمد بحر يدافع عن المصالحة الوطنية فهى مطلب استراتيجى لشعب فلسطين، وضرورة دينية ووطنية، لكن تلك المصالحة يجب أن تكون على أساس الثوابت الوطنية والمحافظة على مشروع المقاومة، وليس على قاعدة شروط الرباعية والفيتو الأمريكي. ويرى أحمد بحر أن السلام مع اسرائيل مستحيل، فالوجود الاسرائيلى على أرضنا غير شرعي، وأن قضيتنا فى تراجع منذ عقد اتفاقية كامب ديفيد وأسلو ومدريد. ويعتبر حق العودة أهم الثوابت الوطنية ؛ حيث يرى أحمد بحر أنه حق مقدس ؛ فوصف من يتنازل عنه بأنه مرتد عن الصف الوطنى الفلسطيني، وهذا الحق لا يمكن أن يتحقق إلا بالجهاد المقدس. لذلك كان يطالب بوقف المفاوضات التى تديرها السلطة مع اسرائيل ؛ حيث يستغل الاحتلال هذه المفاوضات لتوسيع المستوطنات. كما كان يطالب كل الفصائل الفلسطينية بالعمل الجاد لإطلاق سراح الأسرى عن طريق خطف جنود اسرائيليين لمبادلتهم بأسرانا. وعاش أحمد بحر يحلم بالشهادة فى سبيل الله حتى نالها فى 18 نوفمبر 2023 بعد أن رأى تلاميذه فى المقاومة الفلسطينية يحققون نصرا على جيش الاحتلال الاسرائيلي، وشهادته تضيئ لكل الأحرار طريق المقاومة والتحرير وبناء المستقبل.