12 سبتمبر 2025

تسجيل

معارض الكتب

26 نوفمبر 2014

أتيح لي في الأيام الماضية أن ألتقي بقراء مختلفين في معرض الشارقة للكتاب، خلال ندوة عن روح الكتابة، أو الكتابة وارتباطها بالمفردات اليومية، وقد لاحظت أثناء مروري بأجنحة المعرض، زحاما حقيقيا من القراء على اقتناء الكتب بمختلف مواضيعها، بالرغم من أن الحديث قد طال عن قرب اندثار الكتاب الورقي، ليحل محله الكتاب الإليكتروني، وفي ذلك ما يقلل من شأن تلك النظرية، فالكتاب الورقي خاصة في عالمنا العربي، حيث الدخول إلى الإنترنت والقراءة من أجهزة الكيندل والآي باد، ليست متاحة للجميع، وحتى أولئك الذين يملكون امتياز الدخول، واقتناء تلك الأجهزة، غالبا ما يستخدمونها للترفيه، أو التواصل في المواقع المختلفة. وجود الكاتب في تلك المعارض، من حين لآخر، واللقاء بزملائه في الكتابة، أو قراء ربما يعرفونه، أعتبرها ضرورة حيوية بالرغم من مشقتها. هنا يحدث ثمة تحاور مباشر، وأسئلة تطرح وتجاوب، وفي النهاية فائدة قصوى لكلا الطرفين، الكاتب يعرف من يقرأه وينتقده، والقارئ يملك حرية أن يلقي بأسئلته عن تجربة الكاتب، ولا بد يحصل على أجوبة عن مجمل تجربته.أتحدث عن توقيع الكتب في المعارض، وأعني أن يجلس الكاتب على طاولة رصت عليها كتبه، منتظرا أن يأتيه أحد ليوقع له إهداء على الكتاب. هذه ظاهرة انتشرت كثيرا في معارض الكتب في السنوات الأخيرة، وبات كل من يصدر عملا في أي مكان، يعد القراء بأنه سيكون موجودا في زمن معين للتوقيع، حتى من أصدر عملا واحدا، يتأنق ويأتي وينتظر، وهناك من يزينون طاولاتهم بالورد، ويضعون قطعا من الحلوى، رمزا للاحتفال، وفي نهاية اليوم ربما يأتي قراء كثيرون، وربما يأتي قلة، ومحتمل جدا أن لا يهتم أحد، وتخرج للصحف صور براقة تمثل الكاتب جالسا مبتسما في حفل توقيع لروايته أو كتابه الشعري.هذه الظاهرة قديمة في أوروبا بالطبع، وتحشد جمهورا كبيرا بالضرورة، ولكنها ما تزال متعثرة في عالمنا العربي، حيث القراءة ليست أولوية ولا تربية راسخة نربيها لأبنائنا، وشخصيا لا أجلس للوقيع إلا مضطرا حين يلح الناشر في ذلك، ولكن لا مانع لدي على التوقيع إن صادفني أحد يحمل كتابا لي لم يشتره تحت ضغط الحرج، ومشاهدتي جالسا على طاولة، تشبه كثيرا طاولات البيع في الأسواق الشعبية، وقد كتبت من قبل عن جلوسي في أحد الأيام البعيدة، لتوقيع سيرة لي اسمها مرايا ساحلية، صدرت في بداية الألفية الجديدة، وكنت محرجا فعلا، حين اشترى الكتاب عدة أشخاص تحت الحرج مني، وقارنت ذلك بالإسباني زافون الذي شاهدته يوقع رواية ظل الريح، في لندن حين صدرت ترجمتها الإنجليزية، وكان يجلس في الشارع يرتدي تي شيرت عاديا ويقف أمامه طابور من القراء بلا نهاية، ليوقع لهم باسمه على الرواية، وبعضهم يقف منذ الفجر في انتظار أن يأتي الكاتب.إذن لا بد من التواصل مع القراء بأي طريقة، ولكن لا بد أيضا من الصبر والانتظار حتى نصل إلى مرحلة أن ينتظرنا القراء لنوقع لهم، لا أن ننتظر نحن قارئا ربما يأتي وربما لا يأتي.