12 سبتمبر 2025
تسجيلالمتغيرات العاصفة في المنطقة مجملها يدفع إلى تشكيل إقليم جديد مختلف عما كان موجودًا من قبل، سواء من حيث نوع القوى التي تؤثر على تفاعلاته، أو فيما يتعلق بحالة الاستقرار والأمن فيه، أو من حيث طبيعة علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية، التي ظلت القوة الرئيسية المهيمنة على تفاعلاته لعدة عقود. هذا ما تشير إليه التحليلات الأخيرة التي تتناول دراسة الأوضاع في المنطقة واستشراف مستقبلها. ومن الدراسات الأخيرة ما نشرته وسائل الإعلام الدولية عن تقرير مخابراتي إسرائيلي (اعرف كيف يفكر عدوك!)، حيث يشير إلى أن العالم العربي في حالة ضعف مستمر، وليس لديه القدرة على معالجة المشاكل الجماعية بقواه الداخلية الذاتية، واليوم الدول العربية الكبرى الثلاث (مصر، العراق، سوريا) تعاني مشاكل داخلية، حتى الدول الأخرى مشغولة في مشاكل داخلية. وفي ظل هذا الوضع المهترئ للدول العربية فإن جدول الأحداث في الشرق الأوسط يتم تحديدها بواسطة دول غير عربية وهي: إيران ،تركيا، وإلى حد ما إسرائيل. وفي المحور الخليجي تتناول انتقال محور الصراع في المنطقة من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي إلى الخليج العربي، فمنذ عام 1973 توقفت الحروب الموسعة في إطار الصراع العربي الإسرائيلي، وبدلا منها حلت مسألة الحروب المحلية المحدودة، والتي امتازت بحرب مع عصابات إرهابية، أو حروب عصابات في نفس الوقت، الحروب الثلاث الكبرى التي حدثت بعد ذلك كانت في منطقة الخليج؛ حرب العراق-إيران ، وحربا الخليج، وهذا التغيير مرتبط بمتغيرين أقل أهمية وهو أن معظم رؤساء الدول العربية تبنوا فكرة حل النزاع العربي الإسرائيلي عن طريق السياسة وليس عن طريق الحرب. أما المحور الدولي فلم تعد الولايات المتحدة القوة الرئيسية المهيمنة على تفاعلات إقليم الشرق الأوسط، أو بمعنى أدق لم تعد منطقة الشرق الأوسط بؤرة اهتمام السياسة الأمريكية، لأسباب خاصة بتغير أولويات واشنطن، وتزايد اهتمامها بآسيا وأخرى متعلقة بالتحولات التي أحدثها انقلاب 3 يوليو، وشجعت قوى أخرى على التدخل في شؤون المنطقة مثل روسيا.وتختم الدراسة بأن المنطقة مقبلة خلال السنوات المقبلة على تغيرات جذرية في التحالفات وربما تتعدى التحالفات إلى الحدود لإنشاء كانتونات جديدة على غرار سايكس- بيكو، وستشهد تراجع دور الدولة الوطنية في مقابل انتشار الجماعات المسلحة والتي تشهد زخماً كبيراً في إطار مواجهة الدولة الوطنية العنيفة، والتي سيصاحبها مرحلة من الفوضى الأمنية وهو ما تعيشه دول الربيع العربي الآن.هذا بعض مما يشغل بال إسرائيل فما هو الحال عند العرب؟!