25 سبتمبر 2025
تسجيلجاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني لدور الانعقاد السنوي الحادي والخمسين لمجلس الشورى، معبرا عن التطلعات وشاملاً في مضامينه ومستلهما لروح الإنجازات التي تحققت في مسيرتنا الوطنية والتي ساهم فيها أعضاء مجلس الشورى بالرأي الصائب والرعاية الكاملة لمقتضيات الصالح العام والـعـمـل الحـكـومـي. وتنعقد أعمال مجلس الشورى هذه المرة في مرحلة تاريخية مهمة تميزت بالعطاء والإنجاز ومواجهة التحديات، لتنطلق الدولة في الإعداد المتكامل للحدث التاريخي الكبير في التحضير لاستضافة حدث تاريخي يشكل أحد أهم مشاريعنا الوطنية، وهو كأس العالم. وأكد سموه أن الاهتمام العالمي المتزايد بهذا الحدث يظهر الاهتمام بهذه المناسبة وبالبلد المضيف مما يشير إلى مدى أهمية هذا الحدث لبلادنا. إنه أهم حدث رياضي، ولكنه ليس حدثاً رياضياً فقط، بل هو مناسبة إنسانية كبرى. وبهذه الكلمات القوية المعبرة عبر خطاب حضرة صاحب السمو عن تقييم العالم لهذا الحدث التاريخي الذي تستضيفه قطر. فهو حدث يجذب اهتمام الشعب والدولة والمجتمع الدولي بكامله خاصة وأن الرياضة اليوم هي نموذج حي للدبلوماسية والتعاون بين الشعوب، بل هي محفل حضاري تعبر الشعوب من خلاله عن حضارتها وقدراتها ونظرتها للمستقبل. لقد حوى خطاب حضرة صاحب السمو أمام مجلس الشورى 10 مرتكزات رئيسية بنيت على قاعدة الإنجازات التي تحققت رغم التحديات التي يعج بها العالم اليوم ووضعت الأسس لسياسة الدولة في المرحلة المقبلة. وبالإضافة إلى تسليط الضوء على المناسبة الكبرى وهي استضافة كأس العالم تحدث سموه عن المؤشرات الاقتصادية للدولة، حيث قال: لا يزال الشأن الاقتصادي هو الشاغل الأكبر لدول العالم كافة، إذ ما كادت الآثار الاقتصادية السلبية التي ألحقتها جائحة كورونا باقتصاديات الدول تبدأ في الانحسار، حتى جاءت الأزمة الروسية الأوكرانية لتصيب الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية بأضرار تزداد تفاقماً يوماً بعد يوم. ونحمد الله أننا كنا في مقدمة الدول التي نجحت، بما اتخذته من إجراءات على المستوى الوطني في التعامل مع تلك الآثار السلبية والتخفيف منها، وواصل الاقتصاد القطري النمو خلال العام الجاري. حيث تشير البيانات الأولية إلى نمو الناتج المحلي خلال النصف الأول من العام بنسبة 4.3 بالمائة وأدى الارتفاع في أسعار الطاقة إلى تحويل عجز الموازنة المتوقع في بداية العام إلى فائض بنحو 47.3 مليار ريال في النصف الأول من العام. وسيتم توجيه فائض الموازنة إلى خفض مستوى الدين العام، وزيادة الاحتياطات المالية للدولة. وهنا يشير حضرة صاحب السمو إلى الخطط الاقتصادية المستقبلية المبنية على هذه المؤشرات الإيجابية. وحظيت التصنيفات التي حصلت عليها الدولة بالاهتمام ضمن خطاب سموه، فقد ثبتت الوكالات العالمية تصنيف الاقتصاد القوي لدولة قطر، وآفاقه المستقبلية المستقرة. وكذلك تبوأت قطر، مركزاً عالمياً متقدماً على مستوى الأمن الغذائي العالمي، وذلك نتيجة لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي من خلال العديد من المشروعات الإنتاجية الإستراتيجية. التنمية.. الهدف الأسمى وجدد سموه العهد على أن تظل التنمية الشاملة للبلاد هي الهدف الأسمى الذي تعمل الدولة على تحقيقه، وتمضي بثبات في القيام بمتطلباته على كافة الأصعدة، بالإضافة إلى جملة من الإصلاحات الهيكلية المستمرة التي تجري لإعادة تنظيم الأجهزة الحكومية والهيئات والمؤسسات والشركات العامة لزيادة كفاءتها وتوافقها مع متطلبات العصر، والتوسع في استخدام الأنظمة الإلكترونية لضمان نجاعة الأداء الحكومي وتنفيذ الخطط التنموية بالكفاءة والسرعة اللازمتين والتيسير على المواطنين في الأنشطة والخدمات. ويظل التشريع والعدل والالتزام بالقانون ودولة المؤسسات من الموجهات الدائمة لسموه وهي من مهام مجلس الشورى أيضا في تطويرها ودعمها، حيث أشار سموه إلى النهضة التشريعية التي استكملت بموجبها قوانين أساسية تنظم مختلف أوجه الحياة والمعاملات في الدولة. وفي ذلك يؤكد سموه: ويأتي تطوير أنظمة العدالة في مقدمة أولوياتنا، لتحقيق العدالة الناجزة التي لا غنى عنها لاستقرار المعاملات، وكفالة الحقوق، فالعدالة البطيئة، كما ذكرت سابقاً في هذا المجلس الموقر، هي نوع من الظلم. وفي هذا الإطار، أعدت حزمة من التشريعات الهامة، من بينها قانون التنفيذ القضائي، وقانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإجراءات الجنائية وقانون السلطة القضائية وقانون النيابة العامة والتي ستحال إلى مجلسكم الموقر تباعاً. مشاريع البنية التحتية ومن الإنجازات التي تحققت خلال المرحلة الماضية مشاريع البنية التحتية الإستراتيجية المرتبطة بالخطة العمرانية خلال السنوات الماضية. حيث أكد سموه استمرار هذه المشروعات بقوله: أمامنا عمل كثير على مستوى المشروعات الاقتصادية التي تلائم دولة قطر وتمنحها ميزةً. وسوف تعمل الدولة على تركيز الإنفاق العام على مشاريع وبرامج إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، ودعم القطاعات الحيوية ذات العائد الاقتصادي الأعلى، بالإضافة إلى الاستثمار في تحسين البنية التحتية. وسيقف أعضاء مجلس الشورى أمام موجهات خطاب حضرة صاحب السمو خاصة ما يتعلق منها بقوله: يجب التغلب على العقبات البيروقراطية، وتعقيد الإجراءات والتضارب بينها، وسد الثغرات القانونية التي تشكل عقبة أمام الاستثمار والمبادرات الاقتصادية وإنشاء المشاريع في الداخل والخارج. وأولى خطاب سموه اهتماما خاصا بدور القطاع الخاص في التنمية حيث قال سموه: ونظراً للأهمية الفائقة التي توليها الدولة لمشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، تسعى الجهات المختصة إلى تفعيل بنود قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في جميع المشاريع ذات العلاقة، بما في ذلك المنشآت الصحية والتعليمية والسياحية وتعديل التشريعات المنظمة للاستثمار الأجنبي لإزالة المعوقات التي تواجه ذلك الاستثمار، وإبراز قطر على الصعيد الدولي كحاضنة للاستثمار الدولي المباشر وتحسين بيئة الاستثمار، وذلك بالإضافة إلى فتح المجال لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بممارسة أنشطة جديدة لخدمات الشحن والدعاية والإعلان وتداول الأسهم وتأسيس الشركات. ويستنهض الخطاب الهمم ويحشد طاقات المجتمع بكامله، إذ يقول: هذه سياسة عامة للدولة، ومثل كل السياسات العامة يفترض أن ينفذها الجميع كل من موقعه. حينما نقر توجهًا ما فيما يتعلق بالتنمية البشرية من صحة وتعليم وغيرها أو في الاقتصاد، مثلاً بتطوير المبادرات في التكنولوجيا أو السياحة أو غيرها من المجالات يجب أن يكون واضحاً أن مؤسسات الدولة تعمل بوصفها فريقًا واحدًا في خدمة الهدف نفسه. بناء الإنسان ولعل الرسالة الأبرز في خطاب سموه تبين اهتمامه بالإنسان وهو أغلى ما تملكه قطر وتستثمر فيه، حيث يقول: وتبقى المهمة الرئيسة هي العمل على بناء الإنسان، المواطن المسؤول القادر على أن يكون ركيزةً لهذا كله، والذي يعرف واجباته الوطنية وحقوقه، ويعرف قيمة ما لديه، ويتطلع إلى ما يتجاوز القيم المادية الاستهلاكية، ويقدم الجوهر على المظهر، ويفهم أن الدين أخلاق قبل كل شيء، ويدرك أن المبادرة والعمل أفضل من الاتكالية التي تجر التذمر والشكوى، وأن النقد مفيد فقط إذا كان قائماً على معلومة صحيحة وعلى فهم للسياقات، ويقدر دور كل من يعمل في هذا البلد. ويتطرق الحديث إلى سياسة قطر الخارجية في المرحلة المقبلة وهي سياسة يسهم الجميع في دعمها حيث يقول: إن نهجنا الذي اتبعناه على الدوام في سياستنا الخارجية والقائم على الالتزام بالقانون الدولي وحماية مكتسباتنا الوطنية وانتهاج الدبلوماسية الوقائية في نزع فتيل الأزمات قبل استفحالها، وما حققناه من نتائج إيجابية في هذا الصدد، يحتم علينا أن يكون دورنا فاعلاً ومسؤولاً في منطقتنا وعلى مستوى العالم. إن الالتزام بهذه المبادئ وتطبيقها، جعل من قطر شريكاً يعتد به في صناعة السلام ودعم الاستقرار. ويختتم سمو الأمير هذه المرتكزات بالإشارة إلى القواعد المهمة لتمهيد السبيل لتحقيق هذه الأهداف العليا وتشمل: تعزيز مصادر قوتنا وبناء قدراتنا في مجالات مثل، الإعلام المهني والتعليم العالي وإنتاج المعرفة، والاستثمار والوساطة لحل الصراعات بين الدول، واستضافة المناسبات العالمية الكبرى. لقد لخص سموه الحال في قطر بقوله: وقطر حالياً أشبه بورشة عمل من التحضير والتجهيز للمناسبة، ينخرط فيها القطريون والمقيمون. وأخيراً لنواصل العمل كل من موقعه لرفع اسم الوطن عالياً، ولنفتح أذرعنا للترحيب بالجميع ليشهد العالم ضيافة القطريين وكرمهم. نعم قطر اليوم ورشة عمل لتقييم الحاضر والاستعداد للمستقبل والمساهمة النبيلة في بناء الإنسان وخدمة الإنسانية جمعاء.