10 سبتمبر 2025
تسجيلالشقّة التي صارت خيمة، والليالي التي أضاءتها الصواريخ، الدروب المقطّعة بالحواجز، والشجر الذي صار توابيت، البحر الذي امتلأ بالغرقى، والحكايات التي صارت نوافذ. "أنا الذي رأيت؛ السوري الذي ضيعته المنافي والأوطان الجديدة، وظلم ذوي القربى، وظلم الأباعد، واللغات الجديدة تنتظره في مدارس بلا عدد."أنا الذي رأيت؛ حداثيين اعتمروا العمائم، وأمميّين عادوا إلى القبيلة، ووطنيّين يرطنون بالعولمة.أنا الذي رأيت؛الشاعر الذي تحوّل إلى بائع بسطة، والملك الذي أمسى متسوّلًا، الشاعر يمدح البندورة والخسّ والبصل، ويتغزّل بالباذنجان، نعم بالباذنجان، لم يكن يعير باذنجانه السابق، أقصد مليكه وممدوحة أيّ اهتمام، لكنّه قد يدسّ في يده حبّة فاكهة آخر النهار.أنا الذي رأيت؛سنابل رمادية، تدّعي الاخضرار، وأبقار لاعدّ لها تركض في الكارثة، خبزًا على رأس الأمّة تأكل منه الطير، ومعبّرين يملأون السجون، رأيت بحرًا حلوًا مسجورًا، وقمرًا يتيمًا يذرف النجوم لليالٍ سوداء.أنا الذي رأيت؛همزة الوصل معتكفة أوّل الكتاب، وجملة الإملاء المستوحشة، رأيت لغتي السمراء تبكي بين يدي شعرائها وحرّاسها، رأيت معلمين يقفون لطلابهم ويوفونهم "التبجيلا"، رأيت ثمرة الرفع جفّت من شجر الإعراب، وربيع المبتدأ ذاب في خريف الخبر.أنا الذي رأيت؛ الدم يلمع في الظهيرة، والحمام لا يطير، والجهات موصودة، والقصيدة تعود إلى الكتاب.رأيت الدم العربي صار كالماء، وتوّهمت أن الشاعر واقفٌ على طلل، أنا الذي رأيت القوافل بين "الدخول فحومل". رأيت أخوالي ربيعة يقفون على مشارف الحرب الأهلية، ويتوهمون أنهم نقلوا رحاهم لطحن الأعداء، ولم يعرفوا أننا طوال هذا المسلسل نخرّ لـ "الجبابر ساجدينا".