18 سبتمبر 2025
تسجيلكشف تقرير متخصص أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره مدينة دافوس بسويسرا، عن بعض الحقائق المرة بالنسبة لمعضلة البطالة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. ونبهت الدارسة التي صدرت قبل أيام إلى خطورة ظاهرة البطالة في أوساط الشباب في بعض دول مجلس التعاون وخصوصا السعودية والبحرين وعمان الأمر الذي يتطلب معالجة جذرية. من جملة الأمور، أشارت الدراسة إلى أن نسب البطالة في أوساط المواطنين في عمان والبحرين والسعودية عبارة عن 8.1 بالمائة و 7.2 بالمائة و 5.6 بالمائة على التوالي. في المقابل، تعتبر البطالة شبه معدومة في قطر، إذ تقل عن نسبة الواحد بالمائة.. وقد ساهمت التحديات الاقتصادية ومنها معضلة إيجاد فرص العمل للمواطنين في الاحتجاجات التي اندلعت في كل من عمان والبحرين مطلع 2011. وفي هذا الصدد، حسنا ما فعلته السلطات المختصة في عمان بالإسراع في مواجهة الأزمة عبر تبني خطوات شملت التخطيط لإيجاد 56 ألف فرصة عمل مقسمة ما بين 36 ألفا في القطاع العام و 20 ألفا في القطاع الخاص.. كما قررت عمان منح العاطل الباحث عن عمل مبلغا وقدره 400 دولار شهريا بغية مساعدته في التكيف مع الظروف المعيشية. بدورها، تتميز السعودية بين سائر دول مجلس التعاون بنشرها إحصاءات تفصيلية حول البطالة، بل تقر المملكة أرقاما أعلى من تلك الواردة في دراسة المنتدى الاقتصادي.. مؤكدا، تعتبر المعرفة الدقيقة لطبيعة المشكلة نقطة الانطلاق لاستكشاف الحلول الناجعة. وتشير الأرقام الحكومية بأن معدل البطالة في المملكة العربية السعودية بلغ حد 11.8 بالمائة في الربع الثاني من عام 2014، مرتفعا عن 11.5 بالمائة في الربع الرابع من 2013 ما يعد أمرا مقلقا ودليلا على عدم تناغم العرض والطلب فيما يخص الوظائف المتوافرة والباحثين عن فرص عمل. بعبارة أخرى، تعتبر الإحصاءات الرسمية أن 657 ألف مواطن سعودي كانوا في عداد العاطلين عن العمل في النصف الثاني من 2014 بزيادة أكثر من 34 ألف فرد مقارنة بالفترة نفسها من 2013. ويعود الأمر بشكل جوهري إلى ارتفاع مستوى البطالة لدى الإناث الأمر الذي يحتاج لوقفة تأمل. اللافت في الأمر بأن الإناث يشكلن 22 بالمائة فقط من القوى العاملة المحلية في المملكة لكن الغالبية القصوى فيما يخص العاطلين عن العمل.. فحسب الأرقام الرسمية، معدلات البطالة بين الإناث والذكور هي 33.3 بالمائة و 6 بالمائة على التوالي، ويمكن ربط تدني نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى طبيعة الحقائق والقيم والعلاقات الاجتماعية في السعودية. في المقابل، يشدد المسؤولون في البحرين أن نسبة البطالة تتراوح في حدود 4 بالمائة وهي نسبة غير واقعية قياسا بالظروف الاستثنائية السياسية وبالتالي الاقتصادية التي تجربها البحرين منذ أحداث فبراير 2011. أيضا، لوحظ أن الجهات المختصة في البحرين مثل وزارة العمل لم تتحد الأرقام الصادرة في دراسة تقرير المنتدى الاقتصادي أي جهة معتبرة، وهو ما يعني قبول السلطات بما جاء في التقرير. الأسوأ من ذلك، يتضاعف تحدي البطالة عند الشباب، والذين بدورهم يشكلون الأغلبية الديموغرافية للسكان المحليين في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي بلا استثناء وذلك على خلفية النمو السكاني المرتفع نسبيا منذ فترة زمنية. في المجموع، تبدي دراسة المنتدى الاقتصادي العالمي اهتماما خاصا للبطالة بين الشباب، ومرة أخرى تبين وجود مشكلة خطيرة في الدول الثلاث وهذه المرة عبر الترتيب التالي: السعودية ثم البحرين وبعد ذلك عمان.. تقف نسب البطالة عند حدود 27.8 بالمائة و 27.5 بالمائة و 20.6 بالمائة في السعودية والبحرين وعمان على التوالي وهي أرقام مرتفعة بطبيعة الحال. مؤكدا، تتسبب بطالة الشباب بتقويض الآفاق الاقتصادية لأن ذلك يعني خسارة الطاقات الكامنة لدى قطاع من المواطنين حديثي التخرج الأكاديمي وهم الذي حصلوا على أحدث المعلومات والنظريات. وتماشيا مع الإحصاءات الرسمية للسعودية، تشير دراسة المنتدى الاقتصادي العالمي بأن نسبة البطالة بين الشابات عبارة عن 55 بالمائة أي الأعلى بلا منازع بين دول مجلس التعاون. في المقابل، تعتبر الكويت الوحيدة في مجلس التعاون والتي تنتشر فيها البطالة منتشرة في أوساط الشباب من الذكور أكثر من الإناث.. ويمكن ربط الأمر ببعض العوامل الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية مثل الانفتاح والتسامح. المشهور بأن الإناث قدرتهن على تحقيق نتائج متميزة في المجال الأكاديمي ما يعني أن اقتصاديات دول مجلس التعاون تستفيد من تواجدهن في سوق العمل والعكس بالعكس. عموما، يصبح تحدي التوظيف فقط أكثر تعقيدا عند النظر لتحدي البطالة المقنعة والعمالة الناقصة بالنظر لاستعداد البعض للعمل بالنظام الجزئي من جهة وقبول وظائف لا تتناسب ومؤهلاتهم العملية وخبراتهم العملية من جهة أخرى. ختاما، ربما يخسر الاقتصاد السعودي الكثير بسبب انتشار البطالة في أوساط الشباب أي من الفئة العمرية الأكثر قدرة على العطاء والمساهمة في التنمية.. يشكل العاطلون تهديدا للسلم الاجتماعي وخصوصا إذا ما أصابهم اليأس والإحباط بالحصول على فرص لتحقيق مآربهم الوظيفية. وفي هذا الإطار، نرى صواب إقرار نظام التأمين ضد التعطل أو ساند بالنسبة للمواطنين السعوديين الذين يتعرضون للفصل من وظائفهم الأمر من شأنه الحد من التداعيات السلبية للمعضلة.. تتضمن بعض التفاصيل المرتبطة بمشروع التأمين ضد التعطل حصول المستفيد على مبلغ شهر وقدره 2400 دولار كحد أقصى خلال الشهور الثلاثة الأولى لاستلام المعونة ومن ثم 2000 دولار شهريا كحد أقصى بعد مضي الفترة. عموما، لن يقل مبلغ التعويض عن 533 دولارا شهريا وهو الحد الممنوح حاليا للعاطل الباحث عن وظيفية في إطار خطة حافز. باختصار.. لا يمكن التغاضي عن تحدي البطالة وخصوصا في أوساط الشباب الخليجي.