14 سبتمبر 2025

تسجيل

هوايات

26 سبتمبر 2016

فيما مضى، أعني قبل أن تكتشف الإنترنت بسنوات طويلة، كانت للمبدع حين تحبطه مسألة النشر، ويكون واثقا ما قدمه في مجال كالشعر أو القصة، أو الرواية، طرق أخرى يشير بها إلى نفسه، أو يلفت بها أنظار الآخرين، وكانت صفحات التعارف في الصحف والمجلات، غاصة بالصور والهوايات الكبيرة والصغيرة، والتي تبدأ من قراءة الكتب والمجلات، وكتابة القصة والشعر، ولعب الشطرنج، إلى قيادة سيارات السباق، والطائرات العملاقة، وكان دائما ثمة من يستقبل رسائل من آخرين شاهدوا صورته وهواياته، وتفاعلوا معها، وكانت هواية جمع الطوابع، هي أكثر الهوايات شعبية على الإطلاق، ومؤكد كان ذلك بسبب توفر المراسلات بين الناس آنذاك، وإمكانية أن يعثر الهاوي في بيت أسرته وبيوت أقاربه على طوابع متنوعة يشبع بها هوايته. كانت هناك هواية تبادل الكتب، وهي هواية جادة بالطبع لأن الهاوي هنا لا يكتفي بوضع صورته فقط لكن عليه حين يراسله أحد ما، يشاركه الهواية نفسها، أن يذكر كتابا قرأ لهم، وكتابا يملك مؤلفاتهم، ويود أن يستبدلها بمؤلفات آخرين لمن لم يقرأ لهم بعد، ويجد صعوبة في توفير إنتاجهم إما بسبب عدم وجوده حيث يقيم أو عدم وجود إمكانيات للشراء حاليا، وكانت هذه الهواية بالذات، تصعب ممارستها على نطاق واسع، ولا يمكن أن تزدهر إلا بين أفراد يقيمون في نفس المدينة، أو الحي، وغالبا يدرسون في المدرسة ذاتها.إذن، ماذا عن هوايات كتابة الشعر والقصة آنذاك؟في الواقع، كانت تسود كتابة الشعر والقصة، فلم يكن لكتابة الرواية صيت على الإطلاق، وحقيقة أعتقد أن ثمة خوفا كان يحدث من الرواية، وهواية كتابتها، وشخصيا كنت أعتقد وأنا صغير ويعتقد كثيرون مثلي، أن كتابة الرواية لا تدخل ضمن الهوايات العادية للبشر، وإنما هي هواية تدرب الدولة عليها بعض الناس وتعينهم كتاب روايات. وأعتقد أن ظني ذلك ليس ساذجا تماما، بدليل أن العصر الحالي، جاء بورش الكتابة التي يتدرب فيها الموهوبون على الروايات، وأما الفوضى الحادثة في الكتابة، فهي طبيعية، لأن لكل عصر فوضاه الإبداعية، والتي يمكن بقليل من الصبر أن نستخرج منها انضباطا ذا قيمة.