14 نوفمبر 2025

تسجيل

سَنَحجُّ بقلوبِـنا فإلى اللهِ شكوانا

26 أغسطس 2017

في بلادِنا، شبابٌ وفتياتٌ ورجالٌ ونساءٌ وشيوخٌ وعجائزُ سيحجونَ بقلوبِهِم، ولن تحجَّ أجسادُهم، وهم صابرونَ مُحتسبونَ، وسينالونَ ثوابَ الحجِّ بنواياهم الصادقةِ، وسيبوءُ الذين حَرَموا أجسادَهم من بلوغِ الحرمينِ الشريفينِ بالإثمِ العظيمِ. ولو قُدِّرَ لأحدِنا أنْ يكونَ روحاً تطوفُ الكونَ، فسيرى أطيافَ وجوهِ الـمحرومينَ من الحجِّ حزينةً تُرددُ شكواها بضراعةٍ للهِ ربِّ العالـمينَ، فَتَتَفَـطَّرُ السماواتُ، وتهتزُّ النجومُ والكواكبُ، لكنَّ قلوبَ الذين سَيَّسوا الحجَّ قاسيةٌ، غافلةٌ، لاهيةٌ بدنياها الفانيةِ، مُنشغلةٌ بالأكاذيبِ والادِّعاءاتِ. في بلادِنا، نؤمنُ جازمينَ أننا سنقفُ بين يَدَي اللهِ، فنكونُ خصماءَ الظالـمينَ وعلماءِ السلاطينِ، ونشكو إليه تعالى حسراتِ وحُرقاتِ قلوبِنا عندما حَجَّ الناسُ وحُرِمْنا أنْ نكونَ ضيوفَـهُ، جلَّ جلالُـهُ. وحينها، بإذنِ اللهِ، ستكونُ وجوهُنا مُسْفِـرَةً ضاحكةً مُسْتَبْـشِـرَةً، ووجوهُ الظالـمينَ مُغْـبَـرَّةً تعلوها قَـتَرَةٌ. في بلادِنا، كرامةٌ واعتزازٌ وأَنَـفَـةٌ وفخرٌ بالوطنِ وقائدِهِ رغم الجُرحِ الغائرِ الناتجِ عن طعنةٍ غادرةٍ وَجَّهَها (الأشقاءُ) لقلوبِـنا. وحينَ يسيرُ الناسُ في الشوارعِ، ويلتقونَ في الـمجالسِ، تزدادُ صلابةُ تلاحُمِـهِم، فكأنَّهم جسدٌ واحدٌ يحمي قلبَ قطرَ الحبيبةِ النابضَ بالإسلامِ والعروبةِ والإنسانيةِ. لكنهم يتألـمونَ بشدةٍ، ففي الهواءِ والـماء وحبَّاتِ الرملِ، يوجدُ ألمٌ نقيٌّ شديدٌ نبيلٌ يعتصرُ قلبَ بلادِهم الغالية الذي يحتضنُ قلوبَهم وقلوبَ أشقائهم الـمقيمين الـمُتَصَدِّعةِ حزناً بعدما سَيَّسَتِ السعوديةُ الحجَّ، فاستحالَ عليهم الوصولُ للديارِ الـمُقدسةِ. في بلادِنا ودولِ العالمِ، يتساءلُ الـمسلمونَ عن معظمِ علماءِ الـمملكةِ الذينَ ساندوا الباطلَ، ومالوا عن سبيلِ الحقِّ والعدالةِ، وباعوا آخرتَهم بدنيا سواهم، فساندوا الحصارَ وترويعَ شعبٍ مسلمٍ، وحرمانَ أبنائِـهِ وأشقائهم الـمُقيمينَ من الحجِّ بالترهيبِ والتعسيرِ. هؤلاءِ العلماءُ كانوا شموساً يستهدي الناسُ بأنوارِ علمِـهِم، ويُصغونَ إليهم، ويحبُّونَهُم حباً عظيماً، ويعتقدون أنَّهم بلغوا درجةً من الإيمانِ تجعلُهُم يقبلونَ بالـموتِ في رضا اللهِ على أنْ يقولوا كلمةً تضرُّ بمسلمٍ أو غيرِ مسلمٍ، لكنهم تجرأوا على اللهِ فساندوا بفتاواهم ومواقفِـهِم جريمةَ الحصارِ التي أضرتْ بمليونَيْ إنسانٍ، ولولا فَضْلٌ منَ اللهِ ثم حكمةُ سموِّ الأميرِ الـمفدى لَاسْتُبيحَتْ دماءُ القطريينَ، ودُمِّرَتْ بلادُهم. و قد يقولُ شخصٌ إنَّهم أُجْبِـروا وخافوا على أنفسهم وأهليهم، فأقولُ له إنَّ الشعوبَ لا تُبالي بخوفِـهِم وإنما تريدُ أنْ يكونوا قدوةً لها باعتزازِهِم بالإسلامِ، و في رَفْضِ الظلمِ والباطلِ. وإذا كانوا يخافونَ فليجلسوا في بيوتِـهِم، ولا يجعلوا الدنيا غايةَ همِّهِم فَيُـنَفِّروا الناس عن دينِـهِم. بل كان بإمكانِـهم الصَّمْتُ عن نُصْرَةِ الحقِّ بشرطِ ألَّا يُصفقوا للباطلِ كما فعلوا في جريمَتَيْ الحصارِ وحرمانِ الـمسلمين القطريينَ والـمُقيمينَ منَ الحجِّ. في بلادِنا، شعبٌ حيٌّ طيبٌ كريمٌ يقودُهُ شابٌّ رُبِّيَ في كَنَفِ والدِهِ الـمُحترمِ على أخلاقِ الإسلامِ وإنسانيتِـهِ، وعِـزَّةِ العروبةِ. هذا الشعبُ لن يُضامَ ولن ينحني إلا في صلاتِـهِ لجبارِ السمواتِ والأرضِ الذي سيُثيبُ الصابرينَ خيراً، وسيمحقُ الظلمَ وأهلَـهُ. في بلادنا، إيمانٌ عظيمٌ يملأُ النفوسَ بالسَّكينةِ والصبرِ، ويُنيرُ القلوبَ بالأملِ في غدٍ تشرقُ شمسُهُ وقد اندحرَ الحصارُ، وتسارعَتْ وتيرةُ التنميةِ والبناءِ بقيادةِ سموِّ الأميرِ الـمُفدى، في ظلالِ الكرامةِ والتَّحضُّرِ والـمَدَنيةِ. في بلادِنا، سنحتفلُ بعيدِ الأضحى الـمبارك بالتكبيرِ والتهليلِ والتحميدِ، والأُضحياتِ وعَـمَلِ الخيرِ، ونتبادلُ التهاني مع أشقائنا الـمسلمينَ في الدنيا، ونزورُ رمزَ وطنيتِنا وكرامتِـنا، وقائدَ نهضتِنا ومسيرتِنا، سموَّ الأميرِ الـمُفدى لنُباركَ لسموِّهِ، وسموِّ الأميرِ الوالدِ، بالعيد، ونستمدُّ من طِـيبتِـهِ وابتسامتِـهِ وهيبتِـهِ زاداً جديداً من العزيمةِ والإصرارِ على دَحْرِ الـمؤامرةِ على بلادِنا الحبيبةِ التي تقفُ كالجبلِ الأشمِّ بقيادتِـهِ. كلمةٌ أخيرةٌ: ربما يعلو ضجيجُ الباطلِ أياماً وشهوراً وسنواتٍ، لكنَّ صوتَ الحقِّ لن يموتَ أبداً، {والعاقبةُ للمتقينَ} القصص: 83. (كاتب وإعلامي قطري) [email protected]