12 سبتمبر 2025
تسجيلبهذ الجملة أبان النبي - صلى الله عليه وسلم- عن نوعين من النفوس، نفس هذبها الإسلام فلا تحيد عن طلب مرضاة الله عز وجل، ونفس جبلت على وصل من يحسّن اليها طمعا في العطاء او استنادا إلى عادات وتقاليد أو مآرب اخرى منفصلة عن الدين وإن توهمت غير ذلك، فقال - صلى الله عليه وسلم- (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت له رحمه وصلها) إنه يدرك أن الإحسان الى من أحسن إليه هو دين مسترد له ينبئ عن خلق سام ودين راسخ، أما الإحسان عند الإساءة فهذا هو الوصل الحقيقي الذي يتمتع به أهل الأخلاق الحسنة، يقول الفضيل بن عياض- رحمه الله- : أَخْلَاقُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ". صلة الرحم ميثاق مبرم { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وبر معظم{ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} ودليل إيمان قال-صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) وسبب في طول العمر وسعة الرزق (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) وبشير خير في الأموال وعمار الديار -قال صلى الله عليه وسلم- ( إِنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ، وَيَزِيدَانِ فِي الأَعْمَارِ) وأمان من الخزي لذا قالت أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- لرسول الله: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ" وهي من أسباب قبول العمل، كما قال صلى الله عليه وسلم(إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلاَ يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ) ومن أسباب دخول الجنة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ) وهي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين قال عنه : " وأَوْصَانِي أَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَإِنْ أَدْبَرَتْ" ويكفي أنها أحب الأعمال إلى الله عز وجل، فعن رجل من خَثْعَمَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: ( إِيمَانٌ بِاللهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ صِلَةُ الرَّحِمِ).