17 سبتمبر 2025

تسجيل

أهمية الدعم المالي الخليجي للبحرين

26 يوليو 2015

تظهر بعض دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً الكويت كرماً استثنائياً فيما يخص تمويل مشاريع البنية التحتية في البحرين. يعد هذا أمراً بالغ الأهمية في ضوء العجز الاستثنائي المتوقع لموازنة السنتين الماليتين 2015 و 2016. وافقت السلطة التشريعية حديثاً على موازنة السنتين الماليتين 2015 و 2016 بعجز في حدود 4 مليارات دولار في المتوسط للسنة الواحدة. يشكل هذا الرقم نحو 40 بالمائة من مجموع النفقات المالية لكل سنة مالية وهي نسبة ضخمة بكل المقاييس. كما يشكل العجز المتوقع حوالي 6 بالمائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي للفترة المشار إليها وهي نسبة مرتفعة قياسا بمتطلبات مشروع الاتحاد النقدي الخليجي. يلزم المشروع بتقييد عجز الموازنة بمستوى 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. بمعنى آخر، يمكن الزعم بأن حجم الحجز المتوقع للعامين 2015 و 2016 غير قابل للاستدامة لا سيما مقارنة مع النتائج الفعلية للعام الماضي. تم تسجيل عجز قدره 1.2 مليار دولار في 2014 مشكلاً قرابة 13 بالمائة من إجمالي الإنفاق العام و 3.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى هذا الأساس، لا يمكن استبعاد إمكانية تخفيض الإنفاق الكلي خلال فترة موازنة 2015 و 2016 بغية التعامل مع ظاهرة النقص الكبير في المالية العامة. أي تخفيض للنفقات يمكن أن يطال النفقات غير المتكررة، إذ ليس بالمقدور تخفيض الإنفاق الجاري مثل رواتب موظفي القطاع العام أو الصيانة. أيضا، ربما تختار السلطة تأجيل تنفيذ بعض المشاريع التنموية أينما كان ممكنا. الخيار الآخر عبارة عن إعادة هندسة دعم بعض المنتجات والسلع والخدمات، حيث فرض هذا الموضوع نفسه على النقاش في الأوساط الاجتماعية ووسائل الإعلام بعد أن طرحت السلطة هذا الخيار. يتضمن المشروع التعامل مع ثلاثة مجالات جوهرية تحديدا 1) ثلاث سلع استراتيجية وهي اللحوم الحمراء والطحين والدجاج 2) المشتقات النفطية 3) الكهرباء والماء. وكان من المفترض البدء بتحرير أسعار اللحوم الحمراء في أغسطس من العام الجاري لكن قررت الحكومة تأجيل الأمر بحجة إخضاعه للمزيد من الدراسة. يشكل التأخير دليلا ماديا على صعوبة تنفيذ قرار من هذا النوع كونه يمس المعيشة اليومية للناس، المواطن والمقيم على حد سواء. وربما يصبح الأمر أكثر صعوبة عند التعامل مع الكهرباء والماء المشتقات النفطية. وفي كل الأحوال، لا يوجد قرار بإلغاء توجه إلغاء أو تجميد مشروع إعادة هندسة الدعم. يشار إلى أن الحكومة قدمت دعما قدره 150 مليون دولار للحوم الحمراء والطحين والدجاج خلال 2014. يذهب ثلث الدعم المخصص للمواد التموينية إلى اللحوم والربع للطحين وأقل من10 بالمائة للدجاج. بعد هذه المقدمة يمكن الحديث عن أهمية برنامج التنمية الخليجي أو ما يعرف عند العامة بالمارشال الخليجي والذي يمتد لمدة 10 سنوات بواقع مليار دولار سنويا. بالعودة للوراء، وافقت المنظومة الخليجية في 2011 بتقديم منحة مالية للبحرين وعمان بهدف المساهمة في حل بعض التحديات الاقتصادية في البلدين في خضم أحداث الربيع العربي. في غضون عدة شهور من العام الجاري، قررت الكويت توفير التمويل لتطوير الطرق المؤدية للمدينة الشمالية السكنية من جهة وتطوير طرق مناطق صناعية من جهة أخرى. ففي شهر أبريل الماضي، أبرمت وزارة المالية مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية اتفاقية بقيمة 196 مليون دولار وذلك في إطار برنامج التنمية الخليجي لتحسين الطرق المؤدية إلى المدينة الشمالية الواقعة غرب العاصمة. يتضمن المشروع 3 طرقات وجسور بطول 36 كيلومترا الأمر الذي من شأنه تطوير مداخل المدينة الشمالية. وخلال شهر يوليو، قدم نفس الصندوق الكويتي وفي إطار نفس البرنامج تمويلا قدره 124 مليون دولار لتحويل تقاطعي ألبا والنويدرات إلى تقاطع من ثلاثة مستويات ومستويين على التوالي. تعتبر شركة ألمنيوم البحرين أو ألبا ثاني أهم مصدر للصادرات البحرينية بعد القطاع النفطي. بدوره، يخدم دوار النويدرات جانب من القطاع الصناعي في المملكة. وربما يمكن تفهم التمويل الكويتي لهذا المشروع تحديدا لأسباب تشمل وقوع تقاطعي ألبا والنويدرات على امتداد شارع الشيخ جابر الأحمد الصباح، الأمير الراحل لدولة الكويت. كما يوجد توجه لتقديم الكويت تمويلا لمشاريع تنموية بقيمة 271 مليون دولار تشمل 200 مليون دولار لتطوير شبكة للكهرباء و 32 مليون دولار لتنفيذ أعمال البنية التحتية لمدينة سلمان الصناعية و 26 مليون لمجمع للخدمات الاجتماعية و13 مليون دولار لمجمع للرعاية الاجتماعية. إضافة إلى ذلك، تبين حديثا بأن الدعم الخليجي يطال إنشاء 9 آلاف وحدة سكنية بقيمة 2 مليار دولار. يعتبر تأمين وحدة سكنية أحد أهم المسائل المهمة لدى المواطن. كما يتضمن الدعم تخصيص أكثر من 3 مليارات دولار لمشاريع الطاقة والمواصلات والتعليم والصحة والأشغال. في المحصلة، يوفر الدعم الخليجي بديلا مهما لتعزيز مشاريع البنية التحتية في البحرين الأمر الذي يساهم في تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية والتنموية. ويستشف من الإحصاءات المتوفرة تعزيز مستويات النفقات العامة في البلاد خلال السنوات القليلة الماضية على الرغم من تراجع دخل الخزانة العامة على خلفية هبوط أسعار النفط. تشير الإحصائيات إلى تحقيق صرف فعلي قدره 8.9 مليار دولار في 2013 مرتفعا إلى 9.3 مليار دولار في 2014 فضلا عن تخصيص 9.5 مليار دولار لعام 2015 و 9.7 مليار دولار لسنة 2016 ما يعني استمرار ارتفاع مستوى الصرف بصورة مستمرة. مؤكداً، يعد المارشال الخليجي مساهماً رئيسياً في العملية التنموية في البحرين عبر توفير الفرصة والمجال لزيادة النفقات العامة بل وضخها في أحد أهم المجالات أي البنية التحتية مثل توسعة الطرقات فضلا عن تشييد الوحدات السكنية وإنشاء المراكز الصحية والاجتماعية والمؤسسات التعليمية وكلها من الأمور المهمة والحيوية.