16 سبتمبر 2025
تسجيلتطرأ بعض الأمور وتقتحم مساحاتك دون أن تطرق لك باباً؛ لتجدها وهى تلك الجديدة التى قررت أخذ حيز لا بأس به منك، فتزاحمك وكل مسؤولياتك والتزاماتك وواجباتك على كل صغيرة وكبيرة فى حياتك؛ لتجدها وبمرور الوقت وقد تغلبت على كل اهتماماتك لتتغذى عليها فتغدو تلك الأخرى قزمة أمامك، مما يعنى بأنها ستتفوق وتكون الأكبر حجماً، والأكثر وضوحاً بالنسبة لك، حتى أنك ستتنازل عن كل ما يتوجب عليك فعله طواعية لتتفرغ وبشكل كلى لتلك الأمور التى ستقول لك: هكذا تُخلق الأولويات. كلنا نعلم بأن مساحة الكاتب هى الفسحة الوحيدة التى يبتعد فيها من الحياة ليلجأ بها الى الحياة التى يودها، ويسعى اليها، وهى تلك التى تكون بمقاس كل أحلامه وطموحاته، التى ولربما قد يطول بها الوقت قبل أن تتحقق وتكون فى الواقع الذى يحتضن وجوده؛ ولأن الأمر كذلك بالنسبة لى أيضاً، فلقد وجدت قلمى وقد انحرف عن المسار الذى وعد بأن يسلكه، اذ كنت قد حدثتكم المرة الماضية وفى مقالى الأخير (عذراً يا صيف) عن أمور نستنكرها الا أن عجلاتها مازالت قيد الدوران تعلن استمرارها المزمن فى واقعنا، فكان وأن سلطت الضوء على أمر نتجاهل خطره دوماً، لكن تحميه مظلة واهية من الأسباب الوهمية التى تبرره، وتغلف مسار رؤيتنا بغشاء يضللنا عن الحقيقة، وهو رؤية الخطأ والسكوت عنه بغضب ينبسط كل مرة حتى يغدو بسيطاً ومقبولاً، والحق أن حديثاً كذاك الحديث قد راقني، ولكن للأولويات حقها مني، لذا فلقد انحرفت بقلمى عن ذاك الذى وعدت بمتابعته معكم؛ لأحدثكم بشيء آخر (والعذر منكم على ذلك). منذ أيام استيقظت من كابوس لا يمكن وصفه الا بأنه مزعج، هربت من أحداثه الى الواقع محملة بكتل من الدموع لا حد لها، وجملة من الصرخات لا حاجز ليمنعها عني، وكنت قد شهدت فيه أى ذاك (الكابوس) مشهداً لن أخوض فى تفاصيله، لكنه خلف فى نفسى أثراً لا أستطيع تجاهله؛ لأنه قد نبهنى الى نقطة خطيرة وهى أننى قد خضت الحياة واندمجت فيها لدرجة أننى نسيت فيها كل من أحب، ليس تجاهلاً انما ابتعاد فرضه العمل، يبدأ بسيطاً وسرعان ما يكبر؛ ليعلو بقامته فيبلغ عنان سماء النسيان، وسؤالى هو: هل نحتاج دوماً الى فقد من نحب لنشعر بأهميتهم فى حياتنا؟ وهل العطاء وبجد فى مجال آخر ينهب حق كل قريب يستحق منا الاستمرار والانغماس فيه؟ وهل تأجيل التلاحم الودى يصب فى صالح العلاقات الانسانية الجميلة التى تربطنا ببعضنا البعض؟ أم أنه ضدها؟ حقيقة لن أخفيها عنكم أبداً وهى أننى طرحت كل تلك الأسئلة على لأجمعها بشكل يزيح تلك الأوجاع عني، ووجدت بأننى لم أتمكن من مواراة رغبتى بخوض هذا الموضوع؛ لأنها ملحة وبشدة، خاصة أن الكثير منا يعيش مع أقرب الأشخاص اليه وتجمعهم به علاقة أسرية لا تنتمى لجنس الحواجز أبداً، لكن ورغم ذلك نجد منهم من يذوب خجلاً أمام الاعتراف للآخر بمدى حبه له، وان كان ذلك يطل بين الحين والآخر من خلال تصرفاته وأفعاله الصامتة التى يهمس بها، وكل ذلك لأسباب ان جُمعت لوجدناها سخيفة تجمعت لتجعل علاقاتنا هشة يسهل كسرها. نعيش فى بيت واحد، وتجمعنا قرابة قريبة جداً، ونتحدث ونحدث بعضناً بعضاً، لكن حين يصل الأمر لنصيب الاعراب عن طبيعة ما نكنه لبعضنا من مشاعر تتجمع الكلمات لتفر فى جملة واحدة كُتب لها بأن لا تُعرب؛ لنعود من بعد ذلك لحياة باردة تشتعل حين نشعر بأن هناك من فقدناه فعلاً، ولكن هل هو هذا ما يستحق لأن يكون فعلاً؟ والاجابة السوية هى بالطبع (لا)، لا يُعقل بأن نؤجل تواصلنا بالآخر دوماً، ولا يُعقل بأن نبنى آمالاً حول تلك العلاقة ونعتقد بأنها ستظل زاهية كما كانت، اذ وحده المجنون من سيصدق ذلك، لذا بعيداً عن الجنون ومروراً بالعقل وضرورة التفكير بعقل فسنقف على هذه النصائح التى بدأت بها شخصياً: تذكر كل من يهتم بأمرك وداعب هاتفه باتصال تسأله من خلاله عن حاله. سامح من اختلف معك حول أمر (ما) وتجاوزه دون أن تتجاوز ما كان بينكما من ود. اعلم بأن الحياة لحظة ستنتهى قبل أن تلاحظ ذلك. تذكر بأن رمضان على الأبواب والأجر فيه مضاعف، فاحرص على مضاعفة أجرك. سامحونى والعذر منكم جميعاً، وكل عام وكل العالم الاسلامى بخير. [email protected]