10 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقال أنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)} هنا شروع في تفصيل ما جرى، والابتداء بحكاية التعليم يدل بظاهره على أن ما مر من المقاولة المحكية إنما جرت بعد خلقه (عليه السلام) بمحضر منه وهو الأنسب بوقوف الملائكة على أحواله (عليه السلام) بأن قيل إثر نفخ الروح فيه إني جاعل خليفة. فقيل ما قيل كما أشير إليه وإيراده (عليه السلام) باسمه العلمي لزيادة تعيين المراد بالخليفة. والتعليم حقيقة عبارة عن فعل يترتب عليه العلم بلا تخلف عنه. ولا يحصل ذلك بمجرد إضافة المعلم. بل يتوقف على استعداد المتعلم لقبول الفيض وتلقيه من جهته. وهو السر في إيثاره على الإعلام والإنباء فإنهما إنما يتوقفان على سماع الخير الذي يشترك فيه البشر والملك. وبه يظهر أحقيته بالخلافة منهم (عليهم السلام) لما أن جبلتهم غير مستعدة للإحاطة بتفاصيل أحوال الجزئيات الجسمانية خبرا. فمعنى تعليمه إياه أن يخلق فيه إذ ذاك بموجب استعداده علما ضروريا تفصيليا بأسماء جميع المسميات وأحوالها وخواصها اللائقة بكل منها. أو يلقي في روعه تفصيلا أن هذا فرس وشأنه كيت وكيت. وذاك بعير وحاله ذيت وذيت إلى غير ذلك من أحوال الموجودات. فيتلقاها (عليه السلام) حسبما يقتضيه استعداده وتستدعيه قابليته المتفرعة على فطرته المنطوية على طبائع متباينة وقوى متخالفة وعناصر متغايرة. قال ابن عباس وعكرمة وقتادة ومجاهد وابن جبير (رضى الله عنهم): "علمه أسماء جميع الأشياء حتى القصعة والقصيعة وحتى الجفنة والمحلب. وأنحى منفعة كل شيء إلى جنسه". وقيل أسماء ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة. وقيل ألهمه معرفة ذوات الأشياء وأسمائها وخواصها ومعارفها وأصول العلم وقوانين الصناعات وتفاصيل آلاتها وكيفيات استعمالاتها. (ثم عرضهم على الملائكة) الضمير للمسميات المدلول عليها بالأسماء وفي الحديث أنه تعالى عرضهم أمثال الذر ولعله عز وجل عرض عليهم من أفراد كل نوع ما يصلح أن يكون أنموذجا يتعرف منه أحوال البقية وأحكامها. {فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء} تبكيتا لهم وإظهارا لعجزهم عن إقامة ما علقوا به رجاءهم من أمر الخلافة. فإن التصرف والتدبير وإقامة المعدلة بغير وقوف على مراتب الاستعدادات ومقادير الحقوق مما لا يكاد يمكن. والإنباء إخبار فيه إعلام ولذلك يجري مجرى كل منهما. والمراد ههنا ما خلا. وإيثاره على الإخبار للإيذان برفعة شأن الأسماء وعظم خطرها. فإن النبأ إنما يطلق على الخبر الخطير والأمر العظيم. {إن كنتم صادقين} أي في زعمكم أنكم أحقاء بالخلافة ممن استخلفته كما ينبئ عنه مقالكم. والتصديق كما يتطرق إلى الكلام باعتبار منطوقه قد يتطرق إليه باعتبار ما يلزمه من الإخبار. فإن أدنى مراتب الاستحقاق هو الوقوف على أسماء ما في الأرض. وأما ما قيل من أن المعنى في زعمكم أني أستخلف في الأرض مفسدين سفاكين للدماء فليس مما يقتضيه المقام. وإن أول بأن يقال في زعمكم أنى استخلف من غالب أمره الإفساد وسفك الدماء من غير أن يكون له مزية من جهة أخرى إذ لا تعلق له بأمرهم بالإنباء. (قالوا سبحانك): نسبحك عما لا يليق بشأنك الأقدس من الأمور التي من جملتها خلو أفعالك من الحكم والمصالح وعنوا بذلك تسبيحا ناشئا عن كمال طمأنينة النفس والإيقان باشتمال استخلاف آدم (عليه السلام) على الحكم البالغة. وتنزهت عن ذلك تنزها ناشئا عن ذاتك. وأراد به أنهم قالوه عن إذعان لما علموا إجمالا بأنه (عليه السلام) يكلف ما كلفوه وأنه يقدر على ما قد عجزوا عنه مما يتوقف عليه الخلافة. وقوله عز وعلا {لا علم لنا إلا ما علمتنا} اعتراف منهم بالعجز عما كلفوه. إذ معناه لا علم لنا إلا ما علمتنا بحسب قابليتنا من العلوم المناسبة لعالمنا. ولا قدرة بنا على ما هو خارج عن دائرة استعدادنا حتى لو كنا مستعدين لذلك لأفضته علينا. ولقد نفوا عنهم العلم بالأسماء على وجه المبالغة حيث لم يقتصروا على بيان عدمه. {إنك أنت العليم} الذي لا يخفى عليه خافية {الحكيم} أي المحكم لمصنوعاته الفاعل لها حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة. وهذا تعليل لما سبق من قصر علمهم بما علمهم الله تعالى.