17 سبتمبر 2025

تسجيل

المرونة والقدرة لدى الاقتصاد القطري

26 يونيو 2016

تؤكد العديد من التطورات وجود المرونة لدى الاقتصاد القطري في التكيف مع ظاهرة انخفاض أسعار النفط بمقدار الثلثين على مدى العامين الماضيين. وشملت التحركات الأخيرة استصدار سندات في الأسواق المالية من ناحية واستحواذ أصول نوعية في آسيا من ناحية أخرى. في شهر مايو، نجحت قطر في الحصول على 9 مليارات دولار من خلال استصدار سندات باليورو في الأسواق الدولية. تعتبر قيمة السندات الأكبر على الإطلاق تصدرها أي حكومة في منطقة الشرق الأوسط مما يعد أمرا لافتا. من جملة الأمور، كشفت عملية إصدار السندات عن قدرة إحدى دول مجلس التعاون الخليجي أي قطر في الاستفادة القصوى من إمكانات أسواق المال الدولية. يعد التطور بمثابة تصويت على ثقة المستثمرين الدوليين بشأن آفاق الاقتصاد القطري للسنوات القادمة، كل هذا في الوقت الذي يعد القطاع النفطي بما في ذلك الغاز المصدر الرئيسي لإيرادات الخزانة العامة.وتم إصدار السندات لمدد أو سنوات مختلفة وهي 5 و10 و30 وبأسعار فائدة مغايرة. في المحصلة، تم تجميع 3.5 مليار دولار لكل من 5 و10 سنوات فضلا عن ملياري دولار لفترة 30 سنة من الاستحقاق.هدف جوهري للمبلغ المقترض مرده الحاجة للتعامل مع عجز الموازنة العامة، حيث تم إعداد موازنة 2016 بنفقات وإيرادات قدرها 55.6 و42.9 مليار دولار على التوالي مما يعني رصد عجز قدره 12.7 مليار دولار. مؤكد، لم يكن أمرا مستغربا سعى السلطات القطرية للاستفادة من التصنيفات السيادية الصلبة للذهاب لأسواق المال الدولية بدل السحب من الاحتياطي العام نظرا لتوافر الفرصة. لدى قطر تصنيف "أي أي 2" من قبل وكالة موديز أي ثالث أفضل تصنيف استثماري. المعروف عن موديز تشددها في منح الدرجات.حقيقة القول، تتمتع قطر باحتياطيات مالية ضخمة، فاستنادا للإحصاءات الصادرة من معهد صناديق الثروة السيادية تقدر قيمة صناديق الثروة السيادية القطري بنحو 256 مليار دولار. بل الرقم أكبر بالنسبة لقيمة الأصول التي تمتلكها قطر حسب مصادر أخرى.يزيد هذا الرقم عن حجم الناتج المحلي الإجمالي لقطر والذي يبلغ 180 مليار دولار. يحل الاقتصاد القطري في المرتبة الثالثة بين دول مجلس التعاون بعد السعودية والإمارات. لكن يتوقع تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي بتخطي الناتج المحلي الإجمالي لقطر حاجز 200 مليار دولار للمرة الأولى مع نهاية 2016.أخيرا فقط، استحوذ جهاز قطر للاستثمار على برج ضخم في قلب سنغافورة يعرف باسم ميدان آسيا 1 بقيمة 2.5 مليار دولار من شركة بلاك روك الأمريكية. تعتبر الصفقة الأكبر من نوعها لعمليات بيع المباني المكتبية وبرج محدد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وكانت الشركة قد طلبت مبلغا قدره 2.9 مليار دولار عند عرض المبنى للبيع. يقع المبنى في الحي المالي ويضم مستأجرين رئيسيين مثل سيتي بنك وجوجل وبنك لويدز.إلى ذلك، كشف الجهاز عن نية لاستثمار 35 مليار دولار في الولايات المتحدة في غضون 5 سنوات، وقد تم فتح مكتب في نيويورك للمساعدة في تلبية الاحتياجات الاستثمارية. كما أعلن الجهاز عن خطط لاستثمار ما لا يقل عن 15 مليار دولار في آسيا كما يتضح من شراء العقار النوعي في سنغافورة.ختاما، يتبين بشكل جلي بأن الاقتصاد القطري يتعامل بطريقة سليمة مع الآثار السلبية لهبوط أسعار النفط وهو محل تقدير وكالات التصنيف الائتمانية فضلا عن المستثمرين الدوليين في الأسواق المالية.