12 سبتمبر 2025
تسجيلبين قوله صلى الله عليه وسلم (غُفر له ما تقدم من ذنبه) ودعاء جبريل (أبعده الله) تبرز أهمية شهر الصيام، شهر يزدان الحديث عنه شوقا إليه قبل أن يأتي، وحنينا له حين يقبل، وبكاء عليه إذ يرحل. شهر المرابح العظيمة حين يهل بنسائمه الجميلة وهيبته الجليلة، شهر الزائر الزاهر والرحيق العاطر، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن. أيام قليلة تلك التي تفصلنا عن هدأة أيامه وسكون لياليه، يعدها العادون عدا، ويراها الوجلون ثقيلة المحمل بطيئة السير، يتسارعون شوقا وحنينا أملا الوصول إليه، حتى إذا أدركوه استحضروا سريعا من الذاكرة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا دَخَلَ رَمَضَان غلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب" فجرس سماع الحديث يختلف عما عداه.يأتي المنادي من قبله مرددا: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار؛ وذلك كلّ ليلة "لتلقاه القلوب إنصاتا وإيمانا والجوارح عملا، هو نداء الرحمة وشعاره، ودثار الصالح ومراده، يلتقيان هنا، مرة واحدة كل عام. لكنه مع ذلك يحمل البشارات الغائية التي لا تقارع، والأعطيات التي لا تتشابه، يكفيه تلك البشارة المكونة من ست كلمات (غفر له ما تقدم من ذنبه) أتت في ثلاثة أحاديث كلها صحيحة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه) وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). وكذلك قوله: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه".هذا هو الشهر جاء محملا بعظائم الأجور، لكنه في الوقت ذاته يحمل سيفا باترا شديد الصلابة على من تهاون فيه حتى ضاع منه، أو تكاسل فيه حتى صرعه الوقت، هنا لا ينفع الندم لمن ضيع بيده نفحة الله إليه، وصار في بلادته في مرمى دعاء جبريل، وتأمين رسول الله عليهما الصلاة والسلام "إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ اسْتَقْبَلَنِي حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي عَلَى الدَّرَجَةِ الأُولَى، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ".هذا رمضان على الأبواب من لم يخطط فيه للظفر بـ (غُفر له ذنبه) فقد خطط للحصول على: (أبعده الله) اللهم بلغنا رمضان واجعلنا فيه من المقبولين.