26 أكتوبر 2025

تسجيل

دائرة العنف الأسري وكيفية الخروج منها

26 مايو 2015

أكثر ما يشغل قلمي منذ أن أدركت وجوده (معي، إلى جانبي، ومن أجلي) هو إصراره على اكتشاف حقيقة الإنسان، الذي يرسم ما على السطح ويتناغم مع ما يليق به منه من جهة، ويدرك ما يجوب الأعماق من ذاك الذي سبق له وأن تخلص منه من جهة أخرى وذلك؛ كي يُنجب من الأول والأخير ما سيُعرف بحياته لاحقاً، والحق أن في الأمر ما يُغري القلم؛ لذا لا أستطيع كبح رغبته التي تجثو من أمامه راجية تحقيق مرادها حتى وإن انهالت علي الالتزامات، والحديث عن تلك التي وإن أخذت من وقتي الكثير، إلا أني أدرك كيفية الانتهاء منها على خير وجه؛ كي التفت من بعد ذلك لكل ما يشغل القلم ويشغلني معه، وهو الأمر الذي يبرر حرصي بين الحين والآخر على تسليط الضوء على كل موضوع يُسبب الكثير من الوجع للإنسانية بشكل عام، ولأحدهم بشكل خاص، وهذا الأخير هو كل من يعيش كامل التفاصيل؛ لتشغله وحده في البداية ثم تنتشر فتدركها الجماعة، التي تُخفي بين طيات ثوبها ضحية أخرى تعيش تفاصيل ذات التجربة؛ لنعود بذلك إلى ذات الدائرة التي ندور وسطها، ويبقى السؤال: ما الذي حرضني على البدء بتلك المقدمة؟لقد بدأت بما سبق لي وأن بدأت به هذا المقال؛ بعد أن تابعت خبراً أرهقني وبشدة، عن سيدة تعرضت للعنف الأسري لأعوام وتعايشت معه بصمت يُخرسه الخوف، إذ لم تجد من يقف لزوجها بالمرصاد؛ كي يردعه ويسمح لها بأن تعيش حياة كريمة خالية من الذل والهوان؛ لذا وبغياب ذاك الرادع فلقد تدهورت حياتها من سييء إلى أسوأ حتى انتهت بطريقة بشعة جداً لا ولن يقبلها العقل أو القلب؛ لانعدام الضمير الذي أعدم حياة إنسانة لم تكن تحلم بشيء سواه السلام ووحده السلام، ولكن وعلى ما يبدو فإن ذاك الحلم المُسالم قد شكل تهديداً لقاتلها حتى أقدم على إنهاء حياتها بتلك الصورة البشعة، التي صرخت بها العديد من المواقع الالكترونية بعد أن تلقفت القصة وإن كانت في بداية الأمر مجرد (أشلاء) حكاية لم تُدرك حقيقتها كاملة بعد، إلا أنها قد أخذتنا في جولة قصيرة لحياة تلك الإنسانة، التي تقف في صف جمع من خلفه الكثيرات، ممن يتعرضن للعنف الأسري، الذي يتمادى كلما تمرد الباطل على الحق، وأرعبه؛ كي يضمن سكوته، والحق أن خوض تلك القضية، سيكشف لنا التفاصيل الخاصة بتلك الضحية، وهو كل ما يختلف في كل مرة مع اختلاف الضحية، فلا نشهد نقطة تشابه سواها تلك التي تُعرف كل واحدة منهن على أنها قد انتهت؛ بسبب (العنف الأسري)، وبصراحة فإن هذا السبب الأخير يُجبرني على التوقف عنده، فهو بالنسبة لي كآفة ستلتهم الكيان البشري ما لم نقف لها بالمرصاد، وهو ما يمكن بأن يكون بتوعية الضحية حتى تتمكن من إدراك حقيقة ما تتعرض له وتُعَرِفه على أنه كذلك، ثم بتوجيه مؤشر تفكيرها نحو السعي لإيجاد الأطراف القادرة على بذل المساعدة المطلوبة، وهو ما لا يمكن حدوثه حتى تُبادر هي، خاصة وأن تلك الأطراف غير قادرة على التدخل ما لم يُسمح لها بذلك، وفي حقيقة الأمر فإن فرصة وقوع ذلك تُعد معدومة أمام تسلط الطرف الجاني، والمُمارس الأول والأخير للعنف، وعليه كيف سيُعرف الدواء ما لم يُعرف الداء؟لم تكن تلك الحادثة الأولى ولن تكون الأخيرة دون شك، فما يسند استمراريتها هو تزايد قوة الظالم وما يقابله من تزايد ضعف المظلوم (قليل الحيلة)، الذي يستطيع استرجاع حقه من الحياة، بالمطالبة به عالياً ودون أن يسمح للخوف بأن يردعه، فهو هذا الأخير ما يُبعدك عن حقك، الذي سيكون لك متى خرجت في أثره فعلاً.أدرك تماماً أن تحقيق ما سبق ليس بالأمر اليسير، ولكنه أهون بكثير من تقبل الهزيمة، التي وإن قبلت بها (حلت على رأسك) بكل همومها ومشاكلها التي قد تنتهي حياتك دون أن تنتهي، فتصبح بذلك وكأنك الحي الميت، فهل هذا ما تسعى إليه؟كلمة أخيرةلا تقبل بالإهانة، بل طالب بحقوقك، التي لن تكون حتى تكون أنت، وتخرج باحثاً عنها، (نعم) قد تكون البداية محفوفة بالمخاطر، ولكنها ستزول مع مرور الوقت، وبظهور من سيقف إلى جانبك؛ كي يُساندك متى طالبته بذلك، وعليه Wake up and do something وحتى تفعل نسأل الله التوفيق لنا ولكم اللهم آمين.