13 سبتمبر 2025
تسجيللا ينحرف قلمي وبسهولة عن مسار خطته في هذه الحياة وينجرف إلا إن كان ما يقابله عظيماً، والحق أن ما يقابله هذه الأيام كذلك، فكان أن جرفني مع قلمي دون أن أتمكن من توظيف الكلمات المناسبة التي تناسب ما يحدث لي، رغم أن توظيفها تلك الكلمات لعبتي التي اعتدت عليها منذ زمن بعيد، غير أني قد صرت بالنسبة لها كذلك بمجرد أن حانت اللحظة، ويبقى السؤال الذي وبكل تأكيد ترغبون بمعرفة إجابته: ما هو ذاك العظيم الذي سلب قلمي عقله وقلبه؛ ليبدأ بهذه الكلمات التي وصلت بي وبكم إلى هذه اللحظة؟؟؟ العظيم الذي بدأت به هو التوجه إلى بيت الله حيث الأمان الذي ينبعث من المكان ويبعث في الروح من المشاعر ما تخجل منه الصفات؛ لأنها وإن بلغت أعلى درجات العظمة إلا أنها تظل صغيرة أمام روعة الخالق وكل ما قد خلقه، أي كل ما يدور من حولنا (من حولنا)، ونراه دون أن نمعن النظر فيه، وندركه تماماً كما وُجد، حتى تقترب منا لحظة تجعلنا نركز فيه، ونفكر بروعة ما قد خلقه وقدره وقدمه لنا الخالق، فالحمدلله على كل حال، الحمدلله إن تمكنت تلك اللحظة منا، والحمدلله إن تمكنا من بلوغها؛ لشكر الله على كل النعم التي تبدأ ولا تنتهي، وتستحق منا ملازمة الشكر والذكر كل الوقت. لن تخجل كلماتي من التحدث عن هذه اللحظات التي تسبق خروجي وتوجهي إلى بيت الله؛ لأداء مناسك العمرة، فهي سعيدة تمتد سعادتها مني، وأنا تلك التي تحتاج لمثل هذه الرحلة المُشعة بالإيمان بقدر ما يحتاجها كل مسلم، حيث الأجر المضاعف عن كل عمل نُقدم عليه ونقوم به، وهو ما سيحرص عليه كل مسلم عاقل يدرك جيداً معنى أن يتضاعف أجر كل عمل يقوم به، ويجعله يشعر بالحياة وكأنه يعيشها مرة أخرى، وبمساحة شاسعة ونظيفة تحتاج إلى جديد يُكتب عليها، وبمعنى اخر تبتكره الكلمات (فرصة جديدة)؛ كي نبدأ من جديد دون أن نفكر بما مضى وإن كان يحمل في قلبه ما لم نكن لنرغب به أبداً، لشر كان منا، أو ضرر تسببنا به لأي أحد، أو وقع علينا من غيرنا وذلك؛ لأن التفكير فيما سبق والتعلق به سيعلقنا على رقبة (الوقت)، الذي سنخنقه بأفكارنا التي نفكر بها، وستؤثر عليه فيمضي بنا العمر ونحن لا ندرك منه شيئاً، حتى نصل إلى نهاية تعلن انفصالنا عنه برحيل الروح عن الجسد، فنخرج من الدنيا دون عمل يُحسب أو يُذكر، (لا قدر الله لنا ذلك) ونحن في أمس الحاجة إلى عمل نتشبث به من أجل يوم الحساب، الذي لا ينفعه إلا القلب السليم، الذي نسأل الله بأن يقدره لنا (اللهم آمين). إن العبرة من ذكر هذه الكلمات السابقة هو تذكرها؛ كي تكون سبباً يحثنا على متابعة رحلتنا في هذه الحياة دون أن نتوقف وإن وقفت أمامنا الظروف الصعبة متضامنة مع أكبر العقبات؛ كي نفشل فلا نُقدم على أي عمل جاد نتقدم به ويُنسب إلينا، وهي الخطة التي لن تنجح وبسهولة إلا مع من يختار الفشل كمبدأ في حياته ولها؛ كي يستند إليه، فيقف منذ الوهلة الأولى ودون أن يبذل من الجهود شيئاً، والحجة أن الظروف من قد قاومته فصرعته وتغلبت عليه، بينما تنفر منه الحقيقة وتفر؛ لأنها أبعد من أن يكون على صلة وثيقة بها وذلك؛ لأنه من قد نسبها إليه لا (غير ذلك)، والحق أننا بحاجة إلى التبرأ من ذاك الفشل تماماً كما تبرأت منه الحقيقة، التي نحتاجها الآن وهي تلك التي تقول: كن على ثقة بأن رحمة الله أوسع من كل وأي شيء؛ لذا لا تسمح لقلبك بأن يُضيق عليك الخناق، وإن ضاقت بك الدنيا، ولا تسلم للهموم وإن عظمت فالله أعظم، ولا تحسب بأنها النهاية؛ لأن النهاية ذاتها تخجل من ذاتها فهي من لا تملك من أمرها شيئاً حتى يشاء الله ويقدر لها بأن تكون فتفعل، مما يعني أن كل ما عليك عمله، هو (العمل) بما يُرضي الله، وتقديم أفضل ما لديك؛ كي تربح في الدارين، فهو ذاك الربح ما سيسعدك دون شك؛ لذا لا تحزن ولا تقلق ولا تخف، فالله معك. هذه الكلمات لقد كتبت هذه الكلمات والشوق يغلب قلبي لزيارة بيت الله؛ لذا فهي من قلب قلبي ورغبت بأن نتقاسمها معاً حتى نلتقي من جديد، وحتى يحين ذاك الحين فليوفق الله الجميع، وليرحمك الله يا أبي.