13 سبتمبر 2025

تسجيل

الأسرة الممتدة جنة أم نار؟

26 أبريل 2012

تشتكي الكثير من السيدات اللواتي يتزوجن رجالاً يكونون جزءاً قوياً من أسر ممتدة تجمعها القرابة والدم والسكن من أمور كثيرة تجعل المرأة هنا تشعر بأنها لا تستطيع السيطرة على مجريات حياتها الأسرية في الأسرة النواة، وذلك بدعوى تدخل الجد والجدة والوالدين وربما العم والعمة وباقي العائلة التي اعتادت أن تتخذ قراراتها بشكل جماعي، وفي إطار القيم والعادات والطقوس التي اعتادت عليها وتناقلتها عبر الأجيال، وهنا تأتي نقطة الخلاف.. في السابق كانت مجتمعاتنا وتحديداً الشرقية تعيش تحت مظلة هذه الأسرة التي تنشئها وتمدها بالأمن والأمان والقيم والمبادئ، ويكون هذا الكيان مسؤولاً عن الإنفاق والمأوى واختيار الزوج أو الزوجة للأبناء حين يكبرون وحتى اختيار العمل، فغالباً ما كان الأبناء يتوارثون مهنة الجد والأب وهكذا، بينما تساعد الفتيات الجدة والوالدة في الزراعة أو الخياطة أو الحرفة التي تمارسها نساء العائلة. ولكن مع التطور الذي شهدته المجتمعات وتغير أنماط الحياة الحديثة، والطفرة العمرانية، وتنوع الدراسات والوظائف الحديثة، أدى ذلك وغيره من العوامل لتفكك كثير من تلك الوحدات والخلايا الأسرية التي أصبحت كل واحدة منها عبارة عن أسرة نواة تلتقي مع بعضها في المناسبات والأعياد وعند الحاجة لهذا الاجتماع. فيما بقيت أسر محتفظة بتماسكها المعيشي يجمعها السكن وتفاصيل الحياة، بقيت بجمال وحدتها وتلاحمها تغمر أفرادها بالدفء والمشورة والدعم، تسقي أطفالها الأصالة والعراقة والعادات المتوارثة. وحين تدخل لهذه الأسرة زوجة لأحد الأبناء من الجيل الحديث كثيراً ما تشعر بأن مملكتها التي حلمت بها لسنوات طويلة لن يكتب لها القيام لأن الجميع سيشاركها القرارات والأوقات وحتى أسماء الأطفال وتربيتهم وغير ذلك، لكن ما لا تعرفه تلك الزوجة أن الحب والحنان والأصالة التي ستغمرها هي وعائلتها الصغيرة لن تجدها في أي من جدران المنازل الصغيرة التي كانت ستسكنها، وبأن الدعم الذي سيغمرهم لن يؤمنه لهم غريب ولا صاحب عابر، وإنما هذه الأسرة التي أثبتت على مر السنوات والأجيال أنها أساس المجتمعات الصالحة التي كانت ومازالت محط الاحترام والتقدير. وهذا لا ينفي بالطبع وجود بعض السلبيات التي من ضمنها عدم وجود الحرية المطلقة للأسرة النواة في اتخاذ القرارات وغير ذلك من التفاصيل مما يرفضه الكثير من أبناء الجيل الحديث. ومضة: تحية إجلال وتقدير لكل عائلة حافظت على تماسكها وقيمها رغم أعاصير الحداثة المتسارعة، وباقة حب لكل أسرة تمثل نهر العطاء والحنان والحماية لكل فرد فيها.. وشمعة أمل بأن تبقى هذه الجنة وسط نار التغريب وفقد الهوية.