14 سبتمبر 2025
تسجيلنحن في عصر السرعة.. عصر سهولة الحصول على الشيء وتوقع الحصول عليه، مثلما يصل كل شيء إلينا بسرعة، نتوقع وصولنا لأي شيء بسرعة، ولا نقبل بغير ذلك ولا نرضى دون ذلك، هذه الخصال التي تطبّعنا بها مع تطورات العصر الذي نعيش فيه، عصر تطورات التكنولوجيا والتواصل والوصول لأي شخص وأي مكان في أي وقت! أصبحنا مُطّلِعين على ما يملكه الآخر سواء من هم دوننا أو أعلى مننا في المكانة أو الجاه أو المال أو السلطة. فأصبحنا نريد الحصول على كل شيء «مثل الآخر»! ولكننا في خضم كل أمنياتنا وأحلامنا وتصوراتنا للواقع و المستقبل، فقدنا معلومة بسيطة ألا وهي أن الناس الذين نتابعهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والذين نظن أنهم حصلوا على كل شيء بسرعة أو دون تعب، ونتمنى أن نصل إلى مآلهم أو أن نصبح أفضل منهم، لم يصبحوا هؤلاء الناس بين ليلة وضحاها! صحيح بأننا في عصر السرعة لكن ذلك لا يعني أن الوصول إلى النجاح سيكون سريعا.. ولا يعني أن الأشخاص الناجحين وصلوا إلى أمنياتهم وتفوقهم وفاقوا طموحاتهم سريعاً.. وإن كانوا قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه بسرعة أو بضربة حظ فالأكيد أن المحافظة على النجاح ستكون صعبة بصعوبة الرحلة الأصلية أو أكثر. الوصول إلى النجاح صعب، أن تكون كاتبا عظيما أو صاحب شركة ذا شأن أو رساما تباع لوحاته بآلاف الريالات ستكون رحلة شاقة ومتعبة على الأغلب وإن كنت عبقرياً، تذكر فينسنت فان غوخ. ولكنها رحلة تستحق التعب والإبحار، أن تسعى كل يوم وراء حلمك لهو شيء عظيم يستحق الاحترام وإن كانت الرحلة بطيئة.. وإن عاندك الموج والطقس وصادفت بعض القراصنة في طريقك، والأهم من كل هذا ألا تستسلم كيلا تغرق! لا تستسلم أبداً حتى تصل إلى حلمك كيلا يُطاردك حلمك إلى آخر حياتك. دايانا نياد هي سباحة ماراثونية أمريكية، بعمر ٢٦ عاماً سبحت حول جزيرة مانهاتن في نيويورك في وقت قياسي، وبعدها بأربع سنوات سبحت من البهاماس إلى ولاية فلوريدا أي مسافة تقارب ١٦٤ كيلومترا. وفي عمر الثلاثين قررت أن تتقاعد ولكن ليس قبل أن تحقق حلمها بالسباحة من كوبا وحتى فلوريدا أي مسافة تعادل ١٨٠ كيلومترا تقريباً. ولكن نياد فشلت في محاولتها ومن ثم تقاعدت دون أن تحقق حلمها وبقي حلمها مطارداً لها للثلاثين عاماً المقبلة. وعندما بلغت الستين عاماً قررت نياد أن تحاول من جديد، فهذا حلمها أولا وأخيراً، وبدأت في التدريب من جديد لهذه السباحة طويلة المسافة. وبعدها بعام تقريباً حاولت مرة أخرى وفشلت ثم حاولت مرة ثانية وفشلت! وحاولت بعد هذه المرتين وفشلت في الوصول إلى ساحل فلوريدا، ولكن في محاولتها الخامسة وبعمر ٦٤ عاماً نجحت نياد في الوصول الى كي ويست في فلوريدا وحققت حلمها في السباحة من كوبا وحتى فلوريدا، نياد لم تستسلم أبداً. لم تستسلم حتى وصلت إلى حلمها. وصلت بصعوبة وتعب ومشوار طويل دام أكثر من ٣٠ سنة ولكنها وصلت، وهذا ما يجب أن نضعه نصب أعيننا دائماً. نعم قد يكون الطريق طويلا ووعرا ومتعبا ولكنه الطريق الذي سيوصلنا الى مبتغانا.. وعندما نقترب من الاستسلام كل ما علينا فعله هو أن نصبر وأن نقول لأنفسنا: «لا أبرح حتى أبلغ».