29 أكتوبر 2025
تسجيلما نحتاجه اليوم ليس المساهمة في رسم واقع مأساوي وعدمي حول المشهد العربي ومخرجاته، وخير لنا أن نشعل الشموع خصوصا في هذه المرحلة الصعبة ونكف عن لعن الظلام، حان الوقت أن ندخل في نقد ومسألة تاريخية نطرح فيها الأسئلة الكبيرة لماذا فشلت تجربة البناء والتنمية والتعمير وما زالت في عالم العربان وحتى بعد سقوط أنظمة ديكتاتورية ونجحت في الهند والصين واليابان وكوريا والبرازيل وجنوب افريقيا والقائمة طويلة؟، أين ذهبت دولة المواطنة بكل ما تعينه من حقوق وواجبات وأصبح أسمى غايات المواطن العربي الهجرة إلى الخارج. علينا أن نقدم الحلول والعلاج ونطرح الخيارات المختلفة للتعامل مع الأزمات والعلل، كيف نواجه الاستبداد والفساد الداخلي، ونرفع من قيمة العقل ونهدم الخرافة ونعزز أدوات التعامل مع السياسات والنصوص الجامدة المغلقة ونفتح باب الاجتهاد على مصراعيه، ونتبنى الخيارات الحضارية ونتخلص من الإرث الثقيل الذي يمنعنا من التطور والتغيير نحو الأفضل داخلياً وخارجياً.العرب بحاجة إلى خطاب جديد يؤسس لمرحلة مغايرة ومختلفة وجديدة تستلهم كل عناصر القوة في التاريخ والجغرافيا واللغة والدين والحضارة العربية والإسلامية في مرحلة ما بعد "الربيع العربي". المآسي تكمن في غياب مشروع التغيير السياسي والثقافي والحضاري يحتوي العالم العربي خصوصا بعد سقوط الخلافة وانكسار القومية العربية والدخول في دوامة الضياع في التعامل مع الخيارات والتحديات التي تطرحها الحداثة وما بعد الحداثة والعولمة وافرازاتها. المشروع يجب أن يكون منطلقا لمواجهة الحاضر ومشكلاته، واستشراف المستقبل وتحدياته، والشروع في بناء جديد لا يشد الحاضر نحو الماضي، ولا يعرقل خطوات المستقبل. نعلم يقينا أن التنظير سهل وتحويل الأفكار إلى مشروع ناجح هو الصعب والبعيد المنال في العالم العربي، ولكن لا مستحيل في طريق خطوة الألف ميل إذا بدأنا المسير.