14 سبتمبر 2025

تسجيل

مصائب قوم عند قومٍ فوائد

26 فبراير 2013

لطالما ظلت القضية الفلسطينية والاحتلال مجالا خصبا وجد فيه الكُتاب مواد دسمة لمقالاتهم وجَنوا من وراء ذلك مكاسب اقتصادية واجتماعية وثقافية وشاطرتهم القنوات الفضائية ذلك، ومرت أحداث أثرت وتغيرت البوصلة تارة تجاه العراق والكويت ومن ثم الغزو الأمريكي الفاشل للعراق وافغانستان الذي ترك العراق العظيم ممزقا ولقمة سائغة لدول الجوار بعد اسقاط ورحيل أبوعُدي الذي يعض الكثيرون أصابعهم ندماً عليه، فيا ليته لم يرتكب الخطأ القاتل تجاه دولة الكويت، فالاحتلال الأمريكي أتى بحجاج آخر كما يسميه العراقيون، ولو أن الحجاج كانت له فتوحات يعرفها الجميع لكن الآخر حرم الشعب العراقي من خيراته ولعب بأوراق الطائفية التي تُدار من خلف الحدود!! أما تنظيم القاعدة فقد استفاد الكثيرون من التحليلات ومن الأفعال التي قام بها وردود الفعل تجاهها وما حل بالمسلمين وديارهم من خراب ودمار ومعاناة طال أمدها بسبب تلك الأفعال التي أخذت كثيراً من الأبرياء بجريرتها ووجد المسئولون العرب ضالتهم فيها وجعلوها شماعة وكانت سببا رئيسيا في جلب الاحتلال والتدخلات المختلفة، وهي إلى اليوم وآخرها التدخل الفرنسي في مالي!! فلم تتعلم فرنسا من الدروس السابقة من إرثها القديم من الاحتلال، وما حصل ضد العرب من قتل في مالي بسبب هذه الأفعال التي تُلصق بالإسلام من البعض ولم يستفد منها لا الإسلام ولا المسلمون بأي شيء سوى المزيد من التشويه والمعاناة والظلم.. لكن نجم القاعدة ربما قد أفل ومن ثَّم وجد الكتُاب وقنوات الفضاء المفتوح ضالتهم فيما قام به أشاوس الزعماء العرب من بطولات ضد الشعوب، بعد أن هبت على العالم العربي رياح عاتية لم تكن في الحسبان محملة بأمطار شديدة وسيول أقتلعت أشجار معمرة مؤذية كلها شوك وثمار سامة وقفت طيلة هذه السنين عقبة في وجه التقدم والازدهار تطرح أوراق التخلف والفقر وتُصادر آراء الشعوب.. لكن بقيت نباتات سامة في كل مكان وتحتاج لسنين طويلة لاقتلاعها، برغم ما نبت مكانها من نباتات لم تكن معروفة في العالم العربي مثل حرية التعبير والمظاهرات والانتخابات الحرة النزيهة التي يكون فيها الناخب كائنا بشريا وليس من عالم الأشباح كالذي كان يحصل في السابق.. وقامت دولة المؤسسات وزادت الهبات والعطايا والحساسية تجاه المواطن.. وتغيرت الميزانيات السنوية التي طالما رافق العجز صدورها.. ورأينا الفائض الكبير برغم مائدة المشاريع السنوية التي تستعرض هنا وهناك دليلا على مصداقية الحكومات والشفافية لكن يبقى الواقع هو المحك وما يراه الناس.. وحلم الكثيرون بإسقاط الديون وقد يكون حلم ابليس بالجنة ورأينا مزيدا من المشاركات لكن في بعض الدول استفرد البعض بجنيّ ثمار هذا الربيع الذي تعب الكثيرون في زراعتة وروه بدمائهم وأوجاعهم، فقطفه البعض قبل أوانه ولم يصبر عليه قليلاً والبعض أتلف ثماره متعمداً أو بجهله أو رُش بمبيدات غير مناسبة أتى بها من خلف الحدود.. والكثير من الكتاب عندما يريد أن يكتب موضوعا يجول في خاطره فلكي يتفادى المحظورات يدخل من بوابة ملعب الربيع العربي ولكن يقذف الكرة في ملعب آخر لكي لا يتجاوز الخطوط الحمراء، كما أن قنوات التواصل التي يعزو الكثيرون لها الدور الكبير في هذا التحول الفكري وأرشيف معلوماتي استفاد الكثيرون منه، إلا أن ذلك أحدث ما يشبه اللوثة العقلية لدى المواطن العربي الذي لم يكن مهيأ لهذا الكم الهائل من المعلومات، أو أن هذه الأفكار أو ما يجري ضرب من الخيال لم يكن يراه حتى في الأحلام، مما تسبب له بطفرة فكرية وأفكار يريد أن يطبقها في بلده في يوم وليلة ولم يعد يعجبه أي شيء ويريد أن يحصل على كل شيء ويقتسم كل شيء ويتظاهر من أجل اي شيء وكثيراً من اجل لا شيء!! حتى في بعض البلدان يشكو المواطن من الترف لا من الحاجة أصبح الشغل الشاغل لهم هو التجاذب السياسي بين الحكومة والمعارضة وتعطلت مصلحة البلاد والعباد حتى كرهنا شيئا اسمه الديمقراطية!! فبعض الشعوب لا تحكم إلا بالطرق التقليدية التي تتفرد بها نُظم الحكم في العالم العربي فاحترنا من نصدق.. فمن حكموا في السابق ومن جاء بالديمقراطية والمعارضة كلهم يريدون أن يستفردوا بالسلطة واقصاء الآخر عن المشهد السياسي، ويصبون في نفس المجرى ويلبسون عباءة الدين وعباءة مصلحة الشعوب وهي الخاسرة أولاً وأخيراً، فبعد فاتورة الربيع العربي الكبيرة جداً وبعد هذا الإجرام من بعض الزعماء وتبعثر أركان الدول ومقوماتها المختلفة والطمع في السلطة والتسلط والتفرد، على المرء أن يفكر ألف مرة، فالعيش بسلام أصبح هذه الأيام مطلبا ساميا ومن يجده لا يفرط فيه في ظل هذه الفوضى العارمة..