19 سبتمبر 2025
تسجيلتبين حديثا أن حجم السكان في دول مجلس التعاون الخليجي الست سوف يقارب حاجز 50 مليون نسمة في 2013 خلافا للتوقعات السابقة والتي توقعت هذا الرقم في العام 2015. وجاء في تقرير حديث لبنك قطر الوطني أن عدد السكان في الدول الست بلغ 46.8 مليون فرد في العام 2011 على أن يرتفع إلى 49.8 مليون فرد في 2013. تزيد هذه الإحصاءات على تلك توصلت إليها دراسة مستفيضة لوحدة الاستقصاء بمجموعة الإيكونومست البريطانية تم إعدادها برعاية مركز قطر المالي. فحسب دراسة الإيكونومست، فقد ارتفع حجم السكان في دول الخليج الست من 39.6 مليون في 2008 إلى 41.4 مليون في 2010 على أن يرتفع إلى 47.5 مليون في 2015 وصولا إلى 53.4 مليون في 2020. وهذا يعني توقع الدراسة لنمو السكان في دول مجلس التعاون الخليجي لأكثر من الثلث في الفترة ما بين 2008 و2020 أي في حدود 3 في المائة سنويا. بدوره، كشف تقرير بنك قطر الوطني كابيتال أن نسبة النمو السكاني المقدرة في دول مجلس التعاون الخليجي الست عبارة عن 3.2 في المائة في الفترة ما بين 2009 حتى 2013 أي أكثر بكثير من المتوسط العالمي. بلغ متوسط النمو السكاني العالمي في العام 2011 تحديدا 1.8 في المائة مع الأخذ بعين الاعتبار تسجيل نمو سلبي للسكان في بعض البلدان الأوروبية مثل ألمانيا وروسيا. وفي كل الأحوال، لا يمكن تجاهل سلبيات النمو السلبي للسكان من قبيل خسارة المجتمع وبالتالي الاقتصاد للطاقات الشبابية المسلحة بآخر ما توصل إليه العلم الحديث مثل التقنية. كما يشكل ضعف النمو السكاني تحديا لديمومة بعض المشاريع الاجتماعية مثل صناديق التقاعد بسبب محدودية عدد الداخلين الجدد لسوق العمل مقارنة بالمحالين على التقاعد. ولغرض التعويض، توفر العديد من الدول الغربية للأجانب المؤهلين فرصة الهجرة والعمل بها بقصد الاستفادة من قدراتهم. لا شك أنه لا يمكن توجيه اللوم للذين يرغبون في تطوير ظروفهم المعيشية وتأمين مستقبل أفضل لأبنائهم. بيد أنه تشكل مسألة مغادرة عقول وطاقات للدول النامية ظاهرة مقلقة والتي ربما تكون أحوج إليها من الدول الغربية. عودة لموضوع المقال، من جملة الأمور اللافتة في تقرير بنك قطر الوطني كابيتال ارتفاع نسبة تمثيل الأجانب من نحو 38 في المائة في العام 2004 إلى أكثر من 48 في المائة في 2013 من حجم السكان. ويعد هذا دليلا على مدى انفتاح اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي والرغبة في توفير فرص العمل للعمالة الأجنبية. بل يشكل الأجانب أكثرية السكان في أربع دول خليجية وهي قطر والإمارات والكويت والبحرين ما يعد أمرا لافتا على مستوى العالم. وبشكل أكثر تحديدا، يشكل الأجانب 87 في المائة و81 في المائة و68 في المائة و51 في المائة في كل من قطر والإمارات والكويت والبحرين على التوالي. المفاجأة بكل تأكيد هي تشكيل الأجانب لأغلبية السكان في البحرين خلافا لما كان متوقعا قبيل تنفيذ التعداد السكاني في 2010. ويعتقد بأن الأمر يعود جزئيا إلى ظاهرة توظيف الأجانب في الأجهزة الأمنية والتي تشتهر عادة بتوظيف أعداد كبيرة من الناس. وربما تجاوزت نسبة تمثيل الأجانب حاجز 50 في المائة من مجموع السكان في الخليج، بخلاف الواقع السعودي حيث يشكل المواطنون أغلبية السكان. يشكل السكان في السعودية أكثر من 60 في المائة من حجم السكان في دول مجلس التعاون الخليجي وبالتالي ما يحدث في المملكة ينعكس بشكل واضح وجلي على مجمل الإحصاءات المرتبطة بالكيان الخليجي. لكن لا يمكن تجاوز حقيقة تشكيل الأجانب لغالبية القوى العاملة في دول مجلس التعاون. بل يعد هذا الأمر تميزا ودليلا ماديا على انفتاح الدول الخليجية على الثقافات المتنوعة. بدورنا، نرى صواب فتح اقتصادات دول مجلس التعاون أمام العمالة الأجنبية لأنها تعزز من حالة التنافسية الاقتصادية وتشكل ورقة ضغط على الرعايا لاكتساب أفضل المهارات بغرض المنافسة على فرص العمل. ويلاحظ في هذا الصدد توجه الكثير من الناس نحو اكتساب المهارات بقصد الحصول على فرص عمل تتناسب وطموحاتهم. لا شك، تساهم العمالة الوافدة في تعزيز التنوع الثقافي في دول مجلس التعاون ما يعد مكسبا يضاف للرصيد الدولي للدول الست. حقيقة القول، تتميز دول المجلس بانفتاحها على الثقافات العالمية بدرجة عدم لا تنال من قدرة العامل الأجنبي للتمتع بالمعيشة نظرا لتوافر البديل. والبديل عبارة عن وجود أفراد يتحدثون لغة العامل فضلا عن توافر أمور لها علاقة بثقافته مثل المطاعم. مهما يكن من أمر، يوجد نقص واضح بالنسبة لتوافر أرقام دورية ودقيقة حول الإحصاءات السكانية في دول مجلس التعاون الخليجي رغم أهميتها النسبية حيث تتميز الاقتصادات الخليجية بانفتاح أسواقها للعمل فيها على العالم. يشكل الأجانب الأكثرية الساحقة من القوى العاملة في الخليج، كما تستقطب الاقتصادات الخليجية عمالة لأكثر من 100 دولة في العالم.كما تنال ظاهرة نقص الإحصاءات السكانية من قدرة صناع القرار في دول المجلس من اتخاذ قرارات صائبة فيما يخص تطوير البنية التحتية على سبيل المثال من الطاقة فضلا عن شبكة الطرق. يكمن الحل جزئيا في تشجيع تشكيل معاهد خاصة تقوم بنشر تقارير ودراسات متنوعة بما في ذلك المتعلقة بالسكان في دول مجلس التعاون الخليجي. في المقابل، يلاحظ أن بعض الدول الغربية تتمتع بقدرة فائقة على توفير تقديرات تفصيلية حول الإحصاءات السكانية الأمر الذي يساعد في التخطيط السليم لمختلف أوجه المعيشة في تلك البلدان بالنسبة للعمران والمواصلات العامة.