11 سبتمبر 2025
تسجيلعامل في أحد المقاهي تصاحبت معه بعد عدة زيارات للمقهى الذي يعمل به، فإذا بإحدى المرات يحدثني بأنه قد قَدِم إلى قطر ومن أهداف قدومه البحث عن لقمة العيش وجمع ما يكفيه من المال لتأمين حياته ثم المغادرة، وبعد زمن رُزق بابنة وقد سماها " كاتارينا " بمعنى قطر تيمُناً في قطر وحباً فيها وعشقاً لها.. قال الآن قد عدلت عن المغادرة فقد وجدت هُنا الأمن والأمان وهذا ما لم أجده في مكان آخر. عامل هندي كُنا ندعوه برفيق فكان يشتطُ غضباً !، فيقول لا تحدثني بمسمى رفيق وهندي !، فأنا قطري ولقد عشت هُنا قبل ولادتكم، وهذه بلادي، وأنا قطري، فقد كان يلبس الزي القطري. لا يكاد يمضي يوم دون أن تجد هُنا أو هناك تذمُرا لوجود الأجنبي أو المُقيم وسماع عبارات كثيرة، منها أنهم قد أخذوا من ثروات البلاد وقاموا بسرقة الوظائف، وحتى أنهم قد ظفروا بمقاعد الدراسة، فهل هذه حقيقة أم هيّ كلمات من ضرب الخيال. فإننا نرى في مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الانتقاد والتهجم على المُقيمين وغيرهم، وخارج مواقع التواصل الاجتماعي تغلل هذا الأمر في بعض التجمعات حتى وصل النقد إلى مأكلهم ومشربهم وحتى تواجدهم في المطاعم. لماذا يُحاسب الجميع على خطأ أحد المُقيمين، أو أحد الأجانب الذي قد يكون قد أخطأ فعلاً في حق مواطن، ويُؤخذ هذا الجانب السلبي الشخصي والضيق في النظرة إلى المُقيمين وإلى الوافدين بشكل عام. رأينا انزعاج البعض لمنظر العُمال حتى وذلك عندما يتسوقون في المجمعات التجارية، حتى أن هُناك مطالبة بعدم السماح لهم بدخول المُجمع التجاري، فهذا العامل البسيط ذو الأجر القليل هو من قام ببناء هذا المجمع الذي تستنكر تسوقه فيه وعدا ذلك فهو صاحب حق في ذلك وفي تسوقه، وليس لأحدٍ حق عليه. بعض الحقائق المرحوم الدكتور محمد إبراهيم كاظم كان من مؤسسي جامعة قطر ومُديرها الأول وهو مصري الجنسية، وقد شارك في تأسيس هذا الصرح التعليمي الكبير والذي نراه اليوم مُدرجا في قائمة الجامعات العالمية. الكادر التعليمي الذي من مخرجاته مديرون ووزراء وصولاً إلى القيادة الأولى قد درست تحت هذا الكادر التعليمي ذي الجنسيات العربية. موظف في إحدى الوزارات أستوقفه " نصف ريال " لم يقبل أن يدخل جيبه بلا حق!. لقد شاركتنا جنسيات عديدة وتكاتفت معنا بسواعدها في بناء هذا الوطن، فليس من شيمنا إنكار ذلك ولا يحق لنا !، فمن الإنصاف إقامة العدل، ومن العدل عدم تعميم تصرف السوء من بعض المُقيمين أو الوافدين على الجميع فهذا من الظُلم. إننا قد تعلمنا الكثير من إخوتنا المُقيمين والوافدين في جميع المجالات والذين أسهموا فى هذا التعلم المهني والثقافي والعملي في تطوير مؤسسات الدولة وقوانينها وصولاً إلى التطوير الذاتي، وإن كثيراً من إخوتنا المُقيمين لا يقِلون عنا في المحافظة على موارد الدولة وحفظ الحقوق وأداء الواجبات. وما نحدث به الفئة المُنتقدة أن الأجر مُقابل العمل، وليس لنا عليهم مِنة أو تفضيلا، ووجب علينا أن نقول لمن أحسن قد أحسنت عملاً، ومن أساء فالسيئة عليه. فهذا التعصب الأعمى والبغيض من بعض العقول الضيقة بتفكيرها من بعض أبنائنا ليس هو من أخلاق ديننا، ولا من الأخلاق التي تربينا عليها، فإن الله قد خلق الأرض رزقاً لبني آدم، وله البحث عن رزقه في جميع قطاع الأرض. أخيراً لقد تعلمت على يد والدي احترام من يُحسن إلي ومن له فضلٌ بعد الله في تعليمي في كُل مجالات الحياة، فوالدي هو أحد أقطاب المجال التعليمي وكسبت العلم من بعده من الكادر التعليمي القطري وغير القطري والذي هو تعليم أغلب أبناء قطر، فـالشُكر لهم والفضل بعد الله عز وجل، وفنحن في آخر الأمر نتعامل بأخلاق ولا نتعامل بجنسية. bosuodaa@