14 سبتمبر 2025

تسجيل

ساحة المزاد

26 يناير 2015

عندما تغيرت طقوس العيد، بتغير الزمن بعد ذلك، نفض جيوب الخواء من المفاجآت، اختفى المحبوب الحاوي، وصاحبته، واقتصرت البهجة على مصافحات الأيدي، واللمعة الفقيرة في عيون الصغار الذين يرتدون القديم المستهلك، وجملتي (كل عام وأنتم بخير) وبالصحة والسلامة اللتين تطلقان آليا من الجميع، جاءت فكرة تحويل المكان الذي كانت تقام فيه الاحتفالات، إلى ساحة للمزاد من قبل مستثمرين أعجبهم موقعه القريب من وسط المدينة. رتق الظل الذي كان ممزقا أو منعدما تماما، بأفرع من شجر النيم الوارف، ونبات اللبلاب المتسلق، وخيام من القماش الباهت، الثقيل، يمكنها أن تساهم بالظل وإيواء السلع.، اخترعت نسمات باردة، برذاذ من مياه الخراطيم التي توجه للرمل، وأيضا بجرادل المياه الضحلة، وفي أيام قليلة انتشر البيع والشراء كأنه كان موجودا أصلا ولم يوقد حديثا. بيع وشراء وبيع وشراء.. وقوافل من المال الحي تأتي راكضة، تلقي برحالها في المكان وتذوب..كان الحكي العادي بالصراخ، النداءات على السلع بالصراخ، ودائما ما يوجد العراك المتكرر بسبب وبلا سبب، يوجد التطرف الأعمى في الجوع والشبع، وإفراز الغدد لأي نوع من الهرمونات، ومحترفون في حيل المزادات، بعضهم من أهل الساحل وبعضهم من إثيوبيا المجاورة ومن عمق إفريقيا أيضا، يتكاثرون في المكان، يستبدلون أشياء عالية القيمة بأشياء تافهة، وأشياء تافهة بأشياء أتفه منها. حتى مبيدات القمل والصراصير، ومزيلات العرق ومرطبات الوجه والأجولة الفارغة، وحبوب اللقاح، ومدرات الخصوبة لدى النساء، كانت تحلق، وسيارات الخدمة العامة المتقاعدة عن العمل كانت تجد من يسندها ويمسك بيدها في آخر العمر، ولم يكن غريبا أبداً أن تجد لصا يسرقك في الليل، ويبيعك ما سرقه منك في النهار، ومتسولا صادفته عشرات المرات وأعطيته صدقات، يصيح مناديا على خروف أسترالي، أو دراجة نارية من نوع " فيسبا"، المنتشر في البلاد، جاء يستبدلها بأخرى أنظف، وأكثر بريقا، وقيل إن مرضى فقراء، جاءوا بأسرة كانوا يرقدون عليها بالمستشفى الحكومي، وألحفة كانوا يتغطون بها، وباعوها هناك، وألقي القبض على داية في قسم التوليد، كانت تعرض مولودا غير شرعي للبيع وكانت التقطته من آثار أم صغيرة، طالبة في مدرسة ثانوية، أنزلته في المستشفى وفرت في إحدى الليالي. ولن يستطيع من عاصروا فترة ازدهار المزاد تلك أن ينسوا ذلك اليوم الذي عثر فيه محافظ المدينة على نظارته الطبية المفقودة منذ زمن، معروضة للبيع بسعر لا يمكن أن تعرض به، نظارة طبية لمتسول، وأوشك أن يلغي المكان. وكيف صاح الرحالة الموزمبيقي، ناماتو كيجا، متعجبا حين شاهد تمثالا لبوذا، من طين الصلصال، صنعته زوجته منذ أربعين عاما، ونحتت عليه اسمها، معروضا لدى تاجر تحف رخيصة، لم يسمع بموزمبيق، ولا بزوجة رحالة، هوايتها نحت التماثيل. تلك الأيام كان للعملة الوطنية رحم خصب ومنتج، كانت للشراء قوة ضارية. وكان للقرش العادي المتوفر لدى كل الناس ابتداء من المتسولين إلى رؤساء الحكومات، صوته الجهوري الذي يسمع في أقصى بقاع الأرض.