13 سبتمبر 2025
تسجيلبعد شهر من الإثارة والتشويق وتقديم أفضل نسخة لكأس العالم في نسختها 22 منذ انطلاق البطولة عام 1930- أُسدل الستار على أنجح نسخة من كأس العالم منذ انطلاقها عام 1930. وشهدنا أكبر حدث رياضي عاشته شعوب العالم في عام 2022. وعاش القطريون والعرب والمنطقة فرحتين: نجاح باهر لبطولة كأس العالم بمخرجاتها وظواهرها المميزة، ومشاركة قطر أفراح يومها الوطني التي تزامنت مع مباراة تتويج بطولة كأس العالم بالمباراة النهائية الأكثر إثارة ومتعة وتشويقا بين فرنسا والأرجنتين، والتي انتهت بركلات الترجيح، لتبعد البطولة ولو مؤقتاً عن منغصات السياسة والانتكاسات والصراعات والحرب والتصعيد بين القوى الكبرى على المسرح الدولي المنهمكة فيه الدول الكبرى لتشكيل لنظام عالمي جديد ومتعدد الأقطاب. كنت علّقت في مقال سابق في الشرق، شهدنا عددا من الظواهر اللافتة والمعبرة لم تكن لتظهر بهذا الزخم والرسائل، لو لم تكن كأس العالم في قطر. تصوروا لو كانت دولة أوروبية أو أمريكا اللاتينية تستضيف البطولة الأهم في العالم؟ هل كنا لنشهد أيا من تلك الظواهر؟ وآخرها ثقافة ورمزية «البشت» الذي أهداه سمو أمير دولة قطر لميسي قائد منتخب الأرجنتين وأفضل لاعب في البطولة؟! متأكد لما نكن لنشهد هذا الزخم والتميز وشعورنا كعرب بالفخر والنجاح والتعريف بثقافتها ولغتنا وتراثنا وتقاليدنا. وكان أبلغ رد وتكذيب المفترين والمشككين بقدرة قطر على الإنجاز وتصحيح الصورة السلبية المترسخة عن الثقافة العربية بربط العرب بالفشل والإرهاب والعجز والاقتتال. كذلك فشلت حملة التحريض والتطاول الغربية وفرض عاداتهم وتقاليدهم الشاذة والمرفوضة دينياً وثقافيا وأخلاقياً برفع شارات وأعلام المثليين الشاذين والتعالي على حضارات وثقافات الآخرين، وستبقى وصمة عار في جبين الغرب - بل نجحت قطر باستضافة كأس العالم، بعرض وتقديم والإصرار على التمسك والفخر بالتعريف بثقافتنا وتراثنا وقيمنا التي رافقت النجاح بتنظيم بطولة مميزة دون الرضوخ لحملة الترهيب والبلطجة. حققت كأس العالم في نسختها الاستثنائية إنجازات وأرقاما قياسية. أشاد مقال نيويورك تايمز بعد ختام البطولة بإنجازات كأس العالم وكيف تحولت قطر خلال شهر لمركز ووجهة العالم، وحققت وحصلت قطر على ما تريد من استضافة البطولة العالمية. كما كان رائعاً ولافتاً أداء المنتخبات العربية بهزيمة منتخبات تتصدر قائمة أفضل وأقوى منتخبات العالم هزمت تونس فرنسا والسعودية الأرجنتين بطلتي العالم! وهزم منتخب المغرب ثلاث دول استعمارية سابقة إسبانيا والبرتغال وبلجيكا! وكان مفرحاً ولافتاً التفاف واحتفال الجماهير العربية بأداء منتخباتها واحتفالات العرب في دولنا العربية بتلك الانتصارات من الخليج إلى المحيط والجاليات العربية في المهجر. وكذلك استحضار القضية الفلسطينية والوقوف ودعم الجماهير العربية في الدوحة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وازدراء ورفض إجراء مقابلات مع الإعلاميين الإسرائيليين ورفض التطبيع، في مزج للسياسة والرياضة. كان شعوراً رائعاً ومحفزاَ. كما نجحت مجريات كأس العالم في قطر في بعديها الرياضي والسياسي- فشهدنا حضورا لافتا لتوطيد العلاقات الخليجية-الخليجية، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وتوشحه بوشاح قطر- وكذلك توشح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بوشاح السعودية في مبارياتهم. وكذلك شهدنا زيارة لافتة لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد أثناء البطولة. وتهنئة القيادات الخليجية واحتفاء وإشادة وسائل الإعلام والمغردين الخليجيين بتميز كأس العالم في قطر. ما يعزز ويوثق المصالحة القطرية ويفتح آفاقا جديدة للتعاون والتنسيق والتكامل الخليجي. غرق الأرجنتينيون بفرح انتصاراتهم الرياضية ليتناسوا ويهربوا من أزماتهم الاقتصادية والسياسة. وقد غطت انتصارات الرياضة على الفضائح السياسية، لتصدم الأرجنتين بحكم المحكمة بسجن نائبة الرئيس كريستينا كيرشنر ست سنوات ومنعها من تولي أي منصب رسمي في البلاد مدى الحياة، بعد إدانتها بتهم فساد والإثراء غير الشرعي. نجح منتخب الأرجنتين بانتزاع حصة الأسد في البطولة، بالظفر بكأس العالم للمرة الثالثة ومعها أغلبية جوائز أفضل اللاعبين. حصد الأسطورة ليونيل ميسي جائزة أفضل لاعب في البطولة، وحل عقدته بتتويج مسيرته بالفوز بكأس العالم في آخر مشاركاته في كأس العالم. كما كان لافتاً انتزاع حارس مرمى منتخب الأرجنتين مارتنيز جائزة أفضل حارس مرمى في البطولة. وحصل لاعب منتخب الأرجنتين انزو فرنانديز جائزة أفضل لاعب شاب في البطولة. أكرر كان مخيباً وصادماً إسقاط استضافة قطر لكأس العالم، ما ذكرته في مقال سابق عن صِدام الحضارات والثقافات بين الحضارة والثقافة والتراث والتقاليد الغربية والعربية-الإسلامية. تمثل ذلك بتعرض قطر منذ الإعلان عن استضافة كأس العالم عام 2010، لحملات افتراءات واستمرت أثناء البطولة. وكان لافتاً وصادماً وقاحة العنصرية والتطاول والتعالي من مسؤولين ورياضيين ومعلقين غربيين، خسرت منتخباتهم، برفضهم تقبل فكرة أن دولة عربية ومسلمة، ومن غير الدول التي احتكرت لتسعة عقود تنظيم بطولة كأس العالم تنجح وتتميز وتقدم نسخة استثنائية تفوق وتتجاوز توقعاتهم. واشتدت الحملة وبلغت ذروتها بتطاول بعض المعلقين على الفكرة المبدعة بمساعدة سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد ( أمام مرأى المليارات)- على ارتداء البشت الذي يُهدى للدلالة على التقدير والاحترام والتوجيب لقائد منتخب الأرجنتين وأفضل لاعب في البطولة ليونيل ميسي-وحمله كأس العالم لأول مرة في التاريخ مرتدياً البشت العربي-وسط صدمة وتساؤلات وانتقادات في الغرب لصبغة كأس العالم بطابعها العربي-الخليجي المميز. وتهافت الأرجنتينيون في سوق واقف في الدوحة لشراء البشوت-وأنا متيقن أن صورة ميسي مرتدياً البشت ورافعاً كأس العالم فرحاً مع منتخبه ستبقى صورة أيقونية خالدة لعقود طويلة مع الصور التاريخية، وتذكّر الأجيال القادمة بتميز كأس العالم في قطر. أكرر شكراً قطر على إبداعكم ورفع الرأس بتقديم نسخة استثنائية، يصعب تكرارها، وتعزيز قوة قطر الناعمة، وترككم إرثاً لن يُنسى.