18 سبتمبر 2025

تسجيل

النتائج الاقتصادية للقمة الخليجية رقم 32

25 ديسمبر 2011

تميزت القمة رقم 32 لمجلس التعاون الخليجي والتي أنهت أعمالها في الرياض بالتركيز على مواجهة التحديات السياسية ولكن ليس على حساب الأمور الاقتصادية. فقد ركزت وسائل الإعلام على دعوة البلد المضيف لتحويل الكيان الخليجي إلى اتحاد، الأمر الذي من شأنه تعزيز المكانة السياسية للمنظومة الخليجية في هذا الوقت المعاصر والذي يتميز بتجدد تحدياته السياسية والأمنية. وليس من المستبعد أن ينعكس ذلك على تسمية المنظومة الخليجية خلال العام 2012. لكن لم يخلُ البيان من الإشارة ولو بصورة مقتضية لبعض المسائل الاقتصادية الحيوية. فقد تضمن البيان الختامي قرارات اقتصادية من قبيل اعتماد قواعد موحدة بالنسبة لإدراج الأوراق المالية المختلفة بما في ذلك الأسهم والصكوك ووحدات صناديق الاستثمار في الأسواق المالية بدول المجلس. لكن يلاحظ بأن الفترة الاسترشادية أي غير الملزمة مطولة نسبيا حيث تمتد إلى سنتين الأمر الذي يعكس سيطرة المنهجية المتحفظة للاقتصادات الخليجية بشكل عام. وقد لا يخضع هذا الموضوع لتمحيص كامل لفترة كاملة بالنظر للظروف غير العادية التي تحيط بأسواق المال لأسباب تشمل تداعيات أزمات اليورو والمديونية في الاتحاد الأوروبي وانخفاض النمو الاقتصادي في بعض الاقتصادات الرئيسة في العالم خصوصا الولايات المتحدة والصين والهند إضافة إلى اليابان بسبب الزلزال. وهذا ما تجلى من خلال تراجع مستوى مؤشرات أسواق المال في الدول الخليجية بواقع 5.4 في المائة في الربع الثالث من العام 2011. وقد بلغت القيمة المالية لهذا التراجع أكثر من 40 مليار دولار.وكان البيان قد شدد على موضوع خصوصية الأوضاع الاقتصادية على الصعيد العالمي والتي تترك بصماتها على الواقع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي في هذه العصر. بدورنا، نرى صواب هذا التحليل لأن ما يحدث في الاقتصادات الرئيسة يؤثر سلبا أو إيجابا على المسائل الاقتصادية الخليجية كوننا نعيش في عصر العولمة حيث ارتباط المصالح الاقتصادية. بل تعتبر الاقتصادات الخليجية عالمية من حيث المبدأ، بدءا بموضوع توفير النفط الخام وبالتالي أسعار النفط وليس انتهاء بقيمة الدولار وهي عملة تسعير النفط. وفيما يخص المشاريع التكاملية بين دول المجلس، أشار البيان إلى موافقة القادة على إقرار التعريفة الجمركية الموحدة بين الدول الست بدءا من العام 2012 الأمر الذي يضيف للإنجازات الاقتصادية للدورة الثانية والثلاثين. ويشكل هذا التطور اختراقا طال انتظاره بالنسبة لتنفيذ مشروع الاتحاد الجمركي وذلك بعد مرور عدة سنوات على دخوله حيز التنفيذ. بالعودة للوراء، دخل مشروع الاتحاد الجمركي حيز التنفيذ في بداية العام 2003 على أمل الانتهاء من تطبيقه بشكل كامل في 2005. ويفهم من هذا التطور نجاح لجنة التعاون المالي والاقتصادي في معالجة المسائل المتعلقة بآلية تحصيل ونسب توزيع حصيلة الإيرادات الجمركية فضلا عن حماية الوكيل من جهة والسلع من جهة أخرى. لكن ليس من الواضح فيما إذا أقرت الدول الست آلية للتخلص من بعض المعضلات الإدارية والتي تقليديا كانت تعيق عملية انسياب الشاحنات مثل منح التأشيرات للسواق. ويشمل هذا الأمر إيجاد ممرات خاصة لشاحنات الترانزيت وللمنتجات الغذائية سريعة التلف للمحافظة على صلاحيتها. من جهة أخرى، لم يتطرق البيان الختامي للتقدم الذي تم إحرازه لمشروع السوق الخليجية المشتركة والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2008. يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء ما يعني تحقيق مبدأ المواطنة الخليجية. ومن شأن قرار القمة باعتماد الهوية كإثبات هوية لمواطني دول المجلس تسهيل فرص تطبيق الأمور المتعلقة بتطبيق بعض جوانب مشروع السوق الخليجية المشتركة.كما لم يشر البيان لمسألة الاتحاد النقدي بين الدول التي صادقت على هذا المشروع الطموح وهي السعودية والكويت وقطر والبحرين. وكانت الإمارات قد قررت الانسحاب من المشروع احتجاجا على اختيار السعودية مقرا للمجلس النقدي. بدورها قررت عمان عدم الانضمام للمشروع من الأساس بسبب رغبة الحافظ على استقلالية القرارات الاقتصادية والتي تتناسب وظروفها. على سبيل المثال، تصر عمان على استمرار العمل بربط الريال العماني بالدولار الأمريكي. التعاون مع الأردن والمغربوفيما يخص الأردن والمغرب، لوحظ خلو البيان لعرض العضوية الكاملة في مجلس التعاون الخليجي حيث تمت الإشارة إلى مسألة الشراكة مع التركيز على تقديم العون الاقتصادي لكل من عمان والرباط. والمساعدة هذه عبارة عن إنشاء صندوق خليجي للتنمية يقوم بتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.5 مليار دولار لكل من الأردن والمغرب للصرف في مجالات التنمية في البلدين. ويندرج هذا التطور مع رغبة المغرب على وجه الخصوص حيث أبدت رغبتها بتعزيز الشراكة مع المنظومة عندما ظهر الموضوع للسطح للمرة الأولى من خلال القمة التشاورية في السعودية شهر مايو 2011. وقد رحب المغرب حديثا بتوجه بعض الدول الخليجية في نهاية نوفمبر 2011 إلى تعزيز استثماراتها كما تبين من خلال تأسيس شركة (وصال كابيتال) عبر شراكة مع الصناديق السيادية لكل من الإمارات والكويت وقطر في المملكة لاستثمار نحو 4 مليارات دولار على مشاريع الجذب السياحي في المملكة. وفي خطوة تعكس مدى التزام قطر بتطوير المرافق الاقتصادية في المغرب، تم التوقيع في الفترة نفسها على اتفاقيات بين الدوحة والرباط تهدف إلى تمويل بعض المشروعات التنموية الكبرى في المغرب. عودة للموضوع الذي سيطر على القمة، فمن شأن تحويل المنظومة الخليجية من تعاون إلى اتحاد تعجيل أو اختصار عملية حل بعض المعضلات الجوهرية المتعلقة بمشروع الاتحاد النقدي. ويعد هذا الأمر ضروريا بالنظر لاستمرار بقاء الإمارات وعمان خارج هذا المشروع دون المشاريع التكاملية الأخرى، إلا إذا كان من الممكن حدوث اتحاد سياسي قبل اتحاد اقتصادي. [email protected]