11 سبتمبر 2025

تسجيل

أضواء حول شكوى قطر أمام منظمة التجارة العالمية

25 نوفمبر 2017

تعسف دول الحصار انتهاك لقوانين المنظمة مفهوم المصالح الأمنية الأساسية يرتبط بالمصالح الاستراتيجية العسكرية فريق التسوية الخاصة مهمته مساعدة جهاز تسوية النزاعات في الوفاء بمسؤولياته أعلنت منظمة التجارة العالمية في بيان لها في 22 نوفمبر من هذا العام أن "جهاز تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية قد وافق على إنشاء فريق تسوية Panel للنظر في شكوى قطر بشأن الاجراءات التعسفية التي اتخذتها دولة الامارات العربية المتحدة التي تقيد تجارة السلع والخدمات مع دولة قطر وحماية حقوق الملكية الفكرية القطرية ". وكانت دولة قطر قد طلبت في 31 يوليو الماضي، بدء مشاورات مع دولة الامارات لتسوية "التدابير المتخذة في إطار المحاولات القسرية لعزل قطر اقتصاديا". كما طلبت أيضا بدء مشاورات منفصلة حول هذا الموضوع مع المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين . وفي العاشر من أغسطس، ابلغت منظمة التجارة العالمية قطر أن الإمارات رفضت إجراء مشاورات لبحث النزاع وسبل تسويته، وأفادت المنظمة ان قطر طلبت آنذاك من جهاز تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية تشكيل فريق خاص لبحث النزاع . وكانت دول الحصار قد زعمت أمام المنظمة أن ما قامت به من إجراءات ضد دولة قطر يتفق مع الأنظمة الدولية التي تتيح قانونيا المجال للدول الأعضاء للتحرك ضد أي دولة تمس أمنها واستقرارها، وهو حق سيادي – من وجهة نظرها - يتماشى مع المادة 21 من اتفاق الجات، والمادة 73 من اتفاق حماية حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة (تريبس)، وكذلك المادة 14 من اتفاق التجارة في الخدمات (جاتس). ولالقاء الضوء على هذه المسائل نوضح ما يلي: 1- حرصت دولة قطر على تحريك آليات التسوية وفق وثيقة تسوية منازعات التجارة الدولية في إطار منظمة التجارة العالمية، حيث تقدمت بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية، فور نشوب النزاع، على أساس أن ما اتخذته الدول الخليجية الثلاث (الإمارات - السعودية - البحرين) يعتبر بمثابة تقييد تجارة السلع والخدمات من قطر وحقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة . " قواعد تسوية النزاعات 2- تضمن الملحق الثاني لاتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية وثيقة تفاهم بشأن القواعد والاجراءات التي تحكم تسوية النزاعات التجارية. يرتكز نظام التسوية الذي وضعته هذه الوثيقة على وجود جهاز لتسوية المنازعات مهمته الأساسية إدارة آليات تسوية النزاعات وتفعيلها. ويتألف هذا الجهاز من ممثلين لكافة الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، ويقوم بإدارة القواعد والاجراءات، وكذلك المشاورات وأحكام تسوية النزاعات الواردة في الاتفاقات ذات الصلة، وذلك ما لم يكن هناك نص مغاير في أي من هذه الاتفاقات. ويتمتع جهاز تسوية المنازعات بسلطة إنشاء فرق التسوية الخاصة Panels ، واعتماد تقارير جهاز الاستئناف، ومراقبة تنفيذ القرارات والتوصيات، والترخيص بتعليق التنازلات وغيرها من الالتزامات الناتجة عن الاتفاقات المشار إليها. ومن المبادئ التي يبنى عليها نظام تسوية المنازعات التأكيد على العمل وفق مبادئ تسوية النزاعات استنادا الى اتفاق الجات 1947 ، والقواعد والاجراءات الموضحة والمعدلة في وثيقة التفاهم والعمل على الوصول إلى تسوية مرضية. مهام فريق التسوية وتتمثل مهام فرق التسوية الخاصة في مساعدة جهاز تسوية النزاعات في الوفاء بمسئولياته. وعلى فريق التسوية أن يضع تقييما للموضوع المطروح على الفريق بشكل موضوعي، بما يساعد الجهاز على تقديم التوصيات أو إنزال الأحكام المقررة في الاتفاقات ذات الصلة. وعلى فرق التسوية أن تتشاور، بانتظام، مع طرفي النزاع، وأن تتيح لهما الفرص المناسبة للتوصل إلى حل يرضي كليهما. ويتم اعتماد تقارير فرق التسوية الخاصة من جهاز تسوية المنازعات في إطار منظمة التجارة العالمية. ويمكن للأطراف استئناف التقرير أمام جهاز الاستئناف. ويقتصر الاستئناف على المسائل القانونية الواردة في تقرير فريق التسوية، وعلى التفسيرات القانونية التي توصل إليها هذا الفريق. قبول التقارير وتعتمد تقارير جهاز الاستئناف من جهاز تسوية النزاعات، وتقبلها أطراف النزاع دون شروط ما لم يقرر هذا الجهاز بتوافق الآراء عدم اعتماد التقرير. ولا تخل إجراءات الاعتماد بحق الأعضاء في الاتفاق ذا الصلة في التعبير عن آرائها حول أي تقرير لجهاز الاستئناف. وفي حال عدم الامتثال لتوصيات وقرارات فريق التسوية الخاص أو جهاز الاستئناف، يمكن للدولة المتضررة أن تتفاوض مع الدولة المسئولة حول التعويضات التجارية المقبولة من الطرفين. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في الفترة الزمنية المعقولة المحددة، جاز لأي طرف أن يطلب جهاز تسوية النزاعات الترخيص له بتعليق تطبيق التنازلات أو غيرها من الالتزامات التجارية بالنسبة لطرف النزاع الموجه إليه التوصيات أو القرارات بموجب الاتفاقيات ذات الصلة، وذلك كتدبير مضاد. استثناءات الأمن 3- تقرر المادة 21 من اتفاق الجات تحت عنوان "استثناءات الأمن" وتقابلها المادة 73 من اتفاق حماية حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة: أنه لا يوجد في أحكام الاتفاق ما يمكن تفسيره بأنه يلزم أيا من الدول الأعضاء بتقديم معلومات يعتبر الافصاح عنها منافيا لمصالحه الأمنية الأساسية أو يمنع أيا من البلدان الأعضاء من اتخاذ إجراءات يعتبرها ضرورية لحماية مصالحه تلك فيما يتعلق بالمواد القابلة للانشطار أو المواد التي تشتق منها، و فيما يتعلق بتجارة الأسلحة والذخائر والمعدات الحربية والتجارة في سلع ومواد أخرى تتم التجارة فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتزويد المؤسسات العسكرية باحتياجاتها . أو اتخذت في أوقات الحروب أو الطوارئ الأخرى في العلاقات الدولية، أو يمنع أيا من الدول الأعضاء من اتخاذ أي إجراء في سياق القيام بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة لحفظ السلم والأمن الدوليين، شريطة ألا تنطوي تلك الاجراءات على تمييز بين الدول لا مبرر له او تعسفي (المادة 14 من اتفاق الجات). المادة (14) من اتفاق التجارة وتقرر المادة 14 من اتفاق التجارة في الخدمات (جاتس) أن التدابير المقررة في الاتفاق لا تطبق بطريقة تشكل تمييزا تعسفيا أو لا مبرر له بين الدول وليس في هذا الاتفاق ما يمكن تأويله لمنع اتخاذ تدابير لازمة لحماية الآداب العامة او النظام العام أو لحماية الحياة او الصحة البشرية أو الحيوانية أو النباتية، أو لضمان الامتثال لقوانين أو لوائح لا تتعارض مع احكام هذا الاتفاق، بما في ذلك تلك المتعلقة بمنع الممارسات الاحتيالية المضللة، أو ضمان تنفيذ عقود الخدمات أو لحماية خصوصية الافراد فيما يتعلق بمعالجة البيانات الشخصية ونشرها وحماية سرية السجلات والحسابات الفردية. الاستثناء الوحيد والواضح من الأحكام السابقة أن الاستثناء الوحيد المتعلق بموضوع الحصار، والذي تعمد دولة الإمارات ودول الحصار الأخرى إلى استخدامه للرد على مطالبات دولة قطر ولتبرير ما اتخذته تلك الدول من تدابير قسرية ضد قطر، هو الاستثناء المتعلق بالمصالح الأمنية الأساسية. وبغض النظر عن كون الاستناد إلى هذا الاستثناء يمثل سابقة خطيرة في عمل منظمة التجارة العالمية يقوض من جهودها نحو تسوية منازعات التجارة الدولية ويهدد بإضعاف دورها في تنظيم وتسيير التجارة الدولية، فإن الدفع بالمصالح الأمنية الأساسية أورده اتفاق الجات وغيره من اتفاقات تحرير التجارة العالمية كاستثناء يفسر في أضيق الحدود ولا يقبل التوسع فيه أو القياس عليه، هذا بالاضافة إلى عدم وجود معيار موضوعي واحد يقاس على أساسه ما يعد من المصالح الأمنية الأساسية وما لا يعد، ويختلف مفهومها ومداها باختلاف الزمان والمكان والظروف المحيطة، ولم تتضمن اتفاقات منظمة التجارة العلمية تعريفا لها وبالتالي لا يمكن أن يترك للتقرير المنفرد للدولة المتمسكة بذلك الدفع، وإنما يخضع في قبوله من عدمه وتقرير توافره أو لا، لتقدير جهة التسوية للنزاع في إطار عمل جهاز تسوية المنازعات لمنظمة التجارة العالمية، وبالتالي لا يترك التقرير فيه للدولة صاحبة الشأن، خاصة إذا كانت هذه الدولة بتصرفاتها المخالفة لالتزاماتها التجارية في إطار المنظمة هي التي خلقت أو تسببت في وجود الظروف التي أدت إلى إثارة الأزمة أو النزاع، وهو ما فعلته دولة الامارات وغيرها من دول الحصار على دولة قطر. إذ أن هذه الدول بتصرفها التعسفي وفرضها للحصار منذ الخامس من يونيو الماضي على دولة قطر بما نجم عنه من تداعيات خطيرة تنطوي وبوضوح على انتهاك لالتزاماتها التجارية وفق قواعد المنظمة، علما بأنها هي التي خلقت الوضع المتأزم والنزاع المرتبط بتداعيات الحصار، ولا يمكن للمخطئ ان يستفيد من خطئه. مفهوم المصالح الأمنية ومن جهة أخرى ، فإنه وفقا لقواعد التفسير القانوني يتضح أن مفهوم المصالح الأمنية الأساسية يرتبط ارتباطا وثيقا بالمصالح الاستراتيجية العسكرية أو ما يتصل بإجراءات حفظ السلم والأمن الدوليين وفق ميثاق الأمم المتحدة، وهي كلها معطيات تؤخذ في الاعتبار عند تقرير التعلق بالمصالح الأمنية الأساسية أم لا، وهي أمور لا محل للتمسك بها لتبرير تدابير وإجراءات الحصار على دولة قطر. كما لا محل لاثارة تعلق إجراءات الحصار بالمصالح الحيوية المتصلة بالنظام والآداب العامة لعدم توافر ما يبرر هذا الطرح في ظروف الحصار وتداعياته.