11 سبتمبر 2025
تسجيلفي تحقيقه "هنا أفغانستان.. الرقة سابقاً" أعادني الشاعر الصديق إبراهيم الزيدي عن مدينة الرقة وهي في عُهدة تنظيم الدولة إلى "عداء الطائرة الورقية" لخالد حسيني، التي صوّرت أفغانستان في تقلباتها ربع القرن الأخير بين الملكية والشيوعية والتيارات الإسلامية المؤتلفة على قتال الروس، والمحتربة بعد سنوات الظفر، قبل أن تهيمن القاعدة والطالبان على مقاليد الحكم، الأمر الذي أفضى إلى الاحتلال الأمريكي في النهاية. يصدق على إبراهيم الزيدي قول الشاعر: "أشوقاً ولّما يمضِ غيرُ ليلةٍ؟" فالرقّة غالية كما قال مواطنه ربيعة قبل قرون "حبّذا الرقّة داراً وبلد" وهو في مدار نزوحه الصغير، لا يملك إلاّ أن يعود كلّ حين بحجّة وبغير حجّة، واقفاً على التغيّر العميق والسريع في آن. في حين يسافر أمير إلى أفغانستان وقد تركها مع أبيه بداية غزو الروس للبلاد، وذلك بعد رسالة تلقّاها من صديق أبيه تطلب منه المجيء لإنقاذ ابن رفيق الطفولة القديم، وعلى تخوم المدينة يرى أمير الدمار الذي خلّفته الحروب المتعاقبة: "نظر إليّ فريد نظرة تقول السمع ليس كالرؤية. كان هذا صحيحاً؛ لأنه عندما بدت كابول أمامنا، كنت متأكّداً، متأكداً تماماً أن فريد قد أخذ منعطفاً خاطئاً في مكانٍ ما، لابدّ أن فريد رأى تعبير الذهول على وجهي وهو ينقل الأشحاص من وإلى كابول، لابدّ وأنه أصبح معتاداً على هذا التعبير على وجوه الذين لم يروا كابول منذ زمن بعيد".ولكن شوق إبراهيم الطازج يتركه أسير الخوف من الحاجز، والخوف من التغيرات التي طالت المدينة بعد وجبات القصف التي اتفقت فيها جميع الأطراف، ولم تتفق في غيرها : "كنت أفرك يديّ ببعضهما كعادتي حين أرتبك، فمسافة الـ/ 35 / كم التي تفصل المنصورة عن الرقة، كانت بعيدة.. وبعيدة جداً، على ما يبدو أن القلق والتوتر والخوف هو الذي جعل الزمن ثقيلاً لتلك الدرجة التي لم يسبق لي أن خبرتها".ليس مجرّد شبه بيننا وبين أفغانستان، بين إبراهيم الزيدي وخالد حسيني، بل هي مأساة الشرق التي تتبادلها الشعوب في ماراثون الموت الطويل.