18 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد العماني يزداد قوة

25 نوفمبر 2012

احتفلت سلطنة عمان بتاريخ 18 نوفمبر بعيدها الوطني رقم 42 وسط أنباء وتقارير وتوقعات إيجابية حول أداء اقتصادها للعامين 2012 و2013. وخير دليل على ذلك ظهور تصريحات رسمية تشير لاحتمال رفع نفقات الموازنة العامة للسنة المالية 2013 بنسبة 10 في المائة عن سابقتها. بالعودة للوراء، أقرت الحكومة موازنة 2012 بمصروفات قدرها 26 مليار دولار مع فرضية حدوث عجز مالي في حدود 3.1 مليار دولار. وفي هذا الصدد افترض صندوق النقد الدولي متوسط نقطة توازن النفقات والإيرادات عند حد 81 دولارا للبرميل. طبعا يزيد هذا الرقم على متوسط 75 دولارا للبرميل والذي تم افتراضه عند إعداد الموازنة. وفي موازاة ذلك جاء في تقرير لوكالة رويترز للأنباء خبر مفاده بلوغ متوسط سعر بيع النفط العماني تحديدا 113 دولارا للبرميل في الفترة ما بين يناير ويوليو 2012 أي أكثر بكثير من المتوسط المفترض. وعلى هذا الأساس يتوقع حصول ارتفاع في الإيرادات والنفقات وتحول العجز المتوقع لفائض. بل هو توقع صندوق النقد الدولي حيث جاء في المراجعة الدورية عن حال اقتصاد السلطنة بإمكانية تحقيق فائض مالي في موازنة 2012 يساوي 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. مؤكداً يعد هذا الأمر استثناء في عالم اليوم حيث يعد تسجيل عجز في الموازنات العامة هو القاعدة. عموما ما ينطبق على عمان ينطبق بالضرورة على بقية دول مجلس التعاون الخليجي. فقد أعدت قطر موازنة السنة المالية 13-2012 بفائض قدره 7.7 مليار دولار في ضوء نفقات في حدود 49 مليار دولار وربما تكون النتائج النهائية أفضل بكثير بسبب بقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية. ثم هناك موضوع النمو الاقتصادي المتميز، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي تسجيل نسبة نمو فعلية بعد طرح عامل التضخم قدرها 5 في المائة في العام 2012. صحيح يقل هذا الرقم بشكل نسبي عما تم تحقيقه في العام 2011 وتحديدا 5.5 في المائة لكنه يبقى نوعيا بالمقاييس الدولية. وفي كل الأحوال يمكن تفهم السبب والذي يعود أساسا لتراجع نسبة النمو في إنتاج النفط. وكان مستوى الإنتاج قد ارتفع من 715 ألف برميل يوميا في العام 2007 إلى 891 ألف برميل يوميا في 2011 كما جاء في تقرير إحصاءات الطاقة ومصدره شركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية. وكان تحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال الأمريكية والذي يضم شركاء آخرين بينها مبادلة الإماراتية قد فاز في 2005 بعقد لتعزيز إنتاج حقل مخزينة من 10 آلاف برميل يوميا إلى 150 ألف برميل يوميا. ويبدو أن العقد حقق هدفه الإستراتيجي في التوقيت المناسب أي فترة ارتفاع وبقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية. ولا غرابة، فقد أسهمت هذه التطورات في حصول السلطنة على تقييمات ائتمانية ممتازة من قبل المؤسسات المعنية. تتمتع عمان بتقييم (أي) من مؤسسة ستاندراد أند بور فضلا عن (أي ناقص) من وكالة موديز. تعتبر التقييمات هذه ضمن خانة الاستثمارات التي تضيف لمكانة الاقتصاد العماني. إضافة إلى ذلك تمنح كلتا المؤسستين نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد العماني الأمر الذي يعكس إيجابية الأمور المستقبلية في ظل تعزيز النفقات العامة ونجاح السلطنة في تأصيل مختلف القطاعات الحيوية بما في ذلك الصناعة والسياحة. تعتبر مدينة صحار الصناعية الأكثر شهرة بين المدن الصناعية. كما تتمتع عمان بتضاريس تجعلها محل إعجاب الزوار. لا شك يعد تطوير القطاعات الاقتصادية القادرة على خلف وظائف جديدة في غاية الأهمية بالنظر لتحدي سوق العمل. تبلغ النسبة حدود 15 في المائة لكن ترتفع النسبة لحد 24 في المائة عند احتساب العاطلين غير الباحثين فعلا عن وظائف. وقد فرض هذا الرقم نفسه في العام 2011 في خضم قيام الحكومة ببدء تطبيق مشروع توفير دعم مالي للعاطلين في إطار معالجة الأزمة التي عايشتها انطلاقا من مدينة صحار الصناعية. أدخل معضلة مع الديمغرافية حيث تشير أحدث الإحصاءات إلى أن 31 في المائة من السكان هم دون سن الخامسة عشرة ما يعني توقع دخول أعداد كبيرة لسوق العمل في المستقبل القريب نسبيا. طبعا، يبحث شباب اليوم عن فرص عمل تتناسب وتطلعاتهم فيما يخص الراتب وطبيعة العمل. حاليا تشكل العمالة المحلية قرابة 30 في المائة من العاملين في القطاع الخاص لكن تأمل رؤية عمان 2020 بتعزيز نسبة مشاركة المواطنين في المؤسسات الخاصة لمستويات مرتفعة. بل يعتقد بأن نصف المواطنين دونما احتساب الأجانب هم دون سن العشرين عاما الأمر الذي يعكس الحاجة لتهيئة اقتصاد السلطنة للتحدي التنموي. وطالما الحديث عن الأجانب تتميز عمان وكما هو الحال مع السعودية بين دول مجلس التعاون الخليجي بتشكيل المواطنين أغلبية السكان والذين يزيد عددهم على 3 ملايين نسمة. في المقابل، يشكل الوافدون أكثرية السكان في الإمارات والكويت وقطر والبحرين. عموما لا بد من الإشادة باستمرار تحسن أداء السلطنة على مؤشر البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية لممارسة الأعمال المتعلق بأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تعد جوهرية في هذا العصر. فقد تحسن ترتيب عمان من المرتبة رقم 53 في تقرير العام 2011 ومن ثم المرتبة 49 في المائة في 2012 و47 في تقرير 2013 والذي صدر حديثا. بل رصد التقرير الأخير نجاح الإمارات وعمان من بين سائر دول مجلس التعاون في تحسين ترتيبهما على المؤشر السنوي. ختاما تشير العديد من المؤشرات بما في ذلك فرضية تعزيز النفقات الحكومية من جهة والفرص المتاحة أمام القطاع الخاص بأن الاقتصاد العماني مقبل على تحقيق المزيد من الإنجازات في العام 2013 وعلى الأقوى أبعد من ذلك بكثير.