13 سبتمبر 2025
تسجيلعندما تصبح الرياضة وسيلةً لنشر الوعي، وتكون أداةً لترسيخ المفاهيم والأخلاق، فإننا نكون أمام مجتمعات بلغت درجةً متقدمة حضارياً ومَدَنياً، ووصلَ إنسانها إلى مرحلة الفِـعْـلِ والتأثير والعطاء. ومن الدَّلالاتِ الكبيرة على الرقيِّ الحضاري للإنسان العربي الخليجي، اهتمامه بالبيئة وسعيه للحفاظ عليها كجزءٍ من وعيه العام بما يجب القيام به في سبيل وطنه والأجيال القادمة. عَقْـدُ المؤتمر الخليجي الثاني للرياضة والبيئة، في الدوحة، ليس إلا انعكاساً لإدراك المسؤولين والعاملين في المجال البيئي لأهمية الرياضة ودورها في المجتمع من حيث كونها أداةً إعلاميةً وتثقيفيةً جماهيريةً، يتابعها الجميع ويتأثرون بها ويتفاعلون معها بصورةٍ مباشرة، ويتلقون الرسالة التي تنقلها دون عوائق تتعلق بالمستوى التعليمي أو الثقافي. وتبرز أهميتها العظمى في كون معظم مُـتَـلَـقِّـي الرسالة من الناشئة والشباب الذين يُشكلون النسبة الكبرى من مواطني دول مجلس التعاون. منذ عقود خلت، تبلور الإدراك بارتباط البيئة بالتنمية الـمُستدامة، فَـسُـنَّـتِ القوانين التي تهدف لحمايتها، لكن لم يرافقها اهتمامٌ كافٍ بنشر الوعي البيئي. فالإعلام ظلَّ يُركزُ، في مناسبات معدودة، على الأنشطة البيئية التي تقوم بها الوزارات والهيئات محاولاً إضفاء نوعٍ من المشاركة الجماهيرية عليها، دون أن يُوَفَّـقَ كثيراً في ذلك بسبب عدم ارتباط تلك الأنشطة بأسباب جاذبةٍ للرأي العام واهتمام المواطنين. إلا أننا بدأنا نشعر بالأمل من متابعتنا للندوات واللقاءات التي عُقِـدَتْ خلال اليومين الماضيين، حيث تَـبَـيَّـنَ للجميع أنَّ مرحلةً جديدةً من العمل الـمُستند إلى خطط وقواعد واضحة قد بدأت. فقد بذل المسؤولون في وزارة الشباب واللجنة الأولمبية جهوداً عظيمة في سبيل وَضْـعِ تصوراتٍ لما ينبغي القيام به على مستوى المجتمع كله انطلاقاً من التعليم والرياضة كأداتين رئيستين في تنمية الإنسان حضارياً ومعرفياً في المجال البيئي. ومن الأمور العديدة التي أثلجت صدور المتابعين لفعاليات المؤتمر، أنه تخطى مرحلة الحديث عن الالتزام بقواعد النظافة البيئية ليصل إلى تعميم الفَـهْمِ الصحيح للبيئة ومُكَـوِّناتِـها التي تشمل الإنسان بوصفه واقفاً على قمة الهرم البيئي يقوده نحو النمو والتجدد لو أحسن خياراته في استثمار الموارد على النحو السليم. وكذلك، فإنَّ الـمُنَظِّمينَ أحسنوا في عدم التركيز على الجانب الاحتفالي للمؤتمر حين استقطبوا الرياضيين، قياداتٍ ولاعبين، والإعلاميين والمختصين في كافة المجالات ليشاركوا في فعالياته، مما أدى إلى جَـذْبِ الشباب لمتابعتها، وهذا نجاحٌ في حدِّ ذاته، ننتظر تفعيله مستقبلاً عندما يحمل الرياضيون شعلة التوعية البيئية ويؤدون الدور المأمول منهم.