11 سبتمبر 2025
تسجيلحين تستمر عجلة الحديث بالدوران للسير في ذات الطريق فلاشك أن الموضوع يحمل الكثير في جعبته، فامتداد الرحلة يُبشر بفصول ممتدة يحمل كل فصل منها ما يكفي النفس ويرويها، وأحسب التطرق للموضوع الذي قدمنا منه الجزء الأول الأسبوع الماضي هو واجب يفرضه حق القارئ من هذا العمود، وهو الأحق بما يدره في المقام الأول. لقد تناول حديثنا المرة الماضية موضوع العطاء، فكان سلساً للغاية، وذلك بحكم أنه واقعي ويمس واقعنا بشكل يومي، فنحن نعطي ونأخذ كل الوقت، وبكل الأشكال المُتاحة والمعروفة، ولكن ينقصنا الوعي التام بماهية العطاء الذي نبذله وفي المقابل نأخذه، ويكون ذلك لأننا نعطي دون أن نتوقف لندرس هذا العطاء الذي يكون منا، فكأنها غريزة جاءت إلى هذه الدنيا معنا دون أن نخطط لها أبداً. حين تناولت موضوع العطاء الأسبوع الماضي كنت في حالة مرضية يُرثى لها، إلا انني كنت بوعيي حين قررت التطرق إليه، لربما لأن الإنسان وفي حالة المرض يسترجع شريط ذكرياته؛ ليتفحصه جيداً، وأعتقد هذا ما حدث معي، إذ تذكرت كل الوجوه التي قدمت لي كل ما تستطيع تقديمه، وساعدتني بمد ثقتها إلي، وأخلصت بعطائها دون أن تترقب در المردود الذي لا يُعقل بأن يحجبه عنهم أي عاقل؛ لذا فلقد انجرفت لجوف ذاك الحديث، حتى أنني ذكرت جملة من الأسئلة كانت النية منها بأن نُجيب عليها؛ لندرك حقيقة العطاء من خلال الإجابات التي ستكون من بعد كل سؤال ورد حينها على الشكل التالي: 1 — كم عدد الأشخاص الذين أثروا عليك في حياتك والسبب في ذلك كم العطاء الذي يتكرمون به؟ والإجابة هي: كل من يكرمني بأخلاقه العالية، ويخلص عمله؛ ليبرز من خلاله قيمة العطاء هو من الأشخاص الذين أضمهم لزمرة من أثر علي في حياتي، باختصار هم كُثر، تماماً كما هي الحال معكم حين تفكرون ملياً بكل من حولكم مهما كان منصب كل واحد منهم، وأياً كانت مكانته. 2 — ما هي ردة فعلك على ذاك الفعل النبيل؟ التفكير بجدية للرد على ذاك العطاء، إما بالشكر، التكريم أو التقدير الذي يتوجب أن يكون صادقاً وحقيقياً يليق بكم العطاء الذي كان منهم. 3 — ما هو الأثر الذي خرجت به من جملة العطاء تلك؟ إدراك قيمة الحياة المتبادلة مع الآخر، ونعمة الوجود في محيط يشمل العديد من الأطراف، وتحفيز الذات على بذل الشكر والتقدير. 4 — ما هي خطتك للاستفادة من حصيلتك التي خرجت بها؟ تأكيد وتعزيز المبادرة بالمقابل الذي يساهم بعملية دعم العطاء وبإخلاص؛ لأن مواجهة ومقابلة ذاك الكم من العطاء بكثير من الاحترام والتقدير يُولد في النفس حباً لمواصلة الدرب على ذات المنوال، ويعزز القيم الأخلاقية التي يتمتع بها الفرد حين يعطي في حيز الواجب الذي يعمل البعض من خلاله الواجب فقط دون أن يبين معالم العطاء وبإخلاص، فكأنه مجبور فقط على العمل (لا) نية له بأن يقدم ما عليه تقديمه بطريقة ألطف وأكثر وداً. 5 — كيف تنوي مقابلة ذاك العطاء؟ وهل هي نيتك أصلاً؟ مقابلة العطاء تحتاج لدرجة عالية من الأخلاق، فوحده مَن يتمتع بالأخلاق الحميدة يدرك أن من يواجهه بخير يحتاج لخير من جنسه ليقابله، فإن توافرت فيك فستدرك حينها ما العمل الذي يليق بأن يكون، وهو ما قد نختلف فيه ولكننا وفي نهاية المطاف سنتفق على أنه (واجب)، وهو ما يؤكد بأنها نيتك التي ستخرج في أثرها. إن هذه الإجابات التي وردت قبل هذه السطور بسطور تجيب كل نفس سائلة عن كل ما يتوجب عليها القيام به حيال من أعطى وأخلص بعطائه، لربما يكون المقاس مختلفاً ولكن تكون النتيجة هي ذاتها، وما يتوجب علينا جميعاً القيام به هو ذاته الوارد ضمن هذه الإجابات، مما يعني أن الأمر يقف عند هذا الحد، وما يليه هو ما يتوجب عليكم القيام به. صوت قلم مبحوح: التكريم وجه من وجوه مقابلة العطاء، وهناك الكثير من الأسماء التي ساهمت بالتمهيد للمستقبل من الماضي، ولكنها وبرغم كم العطاء الذي بذلته إلا أنها قد صارت مستبعدة من المشاركة بملامسة هذا المستقبل الذي يأخذ العديد من الأشكال كـ (المهرجانات) مثلاً، ويبقى السؤال هل هو الصواب بأن يقتل المستقبل وأهله ما كان من الماضي؟ وهل خطة التقدم وبخطوات واثقة نحو القمم تلزم خذل تلك الطاقات التي أعطت ومازلت تحمل المزيد؟ لكم حرية الإجابة. كلمة شكر: أوجهها لكل مَن شاركني بـ (أمسية تقدير العطاء) الأسبوع الماضي بمقر جريدتنا الحبيبة الشرق. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]