16 سبتمبر 2025
تسجيلبفضل الكتابة انتقلت لنا الحضارات القديمة وعرفنا كيف عاش الإنسان على مر العصور وكيف تطورت الكتابة منذ أن كانت مجرد رسوم وشعارات إلى أن ظهرت معالم الحروف ومنها تكونت اللغات التي استخدمتها الشعوب لحفظ موروثها الثقافي وتدوين تاريخها، وللكتابة أهمية كبيرة فبدونها لا تكتمل عملية التعليم والتقييم بالنسبة لطالب العلم، كما أن الكتابة تعكس نهضة المجتمع وكلما زاد عدد المؤلفات في الأمة كلما ازدهر المجتمع ثقافياً وعلمياً وأصبح أكثر انفتاحاً على الثقافات الأخرى، وللكتابة أهمية في حفظها لحقوق الآخرين فتدوين الحقوق وأملاك الناس يحفظها من الضياع والسرقات، ولعل المهم في الكتابة هو التعبير عن الآراء والأفكار ومشاركة الآخرين بها وذلك بعرض تجاربهم الحياتية والإنسانية أو حتى استعراض خيالهم، وهذا يؤهل الإنسان ليكون مفكراً متأملاً لما حوله ساعياً لبث أفكار من شأنها أن تغيّر من أفكار الآخرين وتعلمهم ثقافة جديدة وتضيف إلى مخزونهم المعلوماتي الجديد بل حتى أنها وسيلة لاستخدام المفردات وتوظيفها في جُمل تمتعكَ بقراءتها، فالكتابة والقراءة من الوسائل التعليمية التثقيفية الترفيهية الراقية التي تحرص عليها المجتمعات المتقدمة المتحضرة. ونحن في حياتنا نحتاج الكتابة في كل تفاصيلها، ولكن قلّة من يمتهن الكتابة لتكون جزءا من شخصيته، مثل كتابة النصوص (دراما، مسرح وغيره)، كتابة التحقيقات والمقالات الصحفية، القصص والروايات، الأبحاث العلمية وغيرها من التخصصات الإبداعية المرتبطة بالكتابة، والكتابة تحتاج إلى مهارات متنوعة أساسها الموهبة والقراءة، فليس كل قارئ كاتبا، لكن حتماً كل كاتب قارئ ومطّلع، وعادة الكتابة موهبة يكتشفها الأهل مع المدرسين في الناشئ منذ صغره، وتنمو هذه الموهبة معه كلما غذاها بالقراءة، ومن مميزات الكاتب أن يكون متحدثاً خطيباً جُمله صحيحة خالية من الركاكة وقادرا على الارتجال، وذلك بفضل مخزونه اللغوي وكم المفردات، كما أن الكاتب وإن تخصص في نوع من الكتابة إلاّ أن لديه القدرة على الكتابة في مواضيع شتى أو تخصصات متنوعة، ويسهل عليه إعادة الصياغة أو التعبير عن فكرة ما في ذهنه أو وصف حالة. ولا يُنقص من الشخص عدم قدرته على الكتابة الأدبية فقد يَبرع في أمور أخرى عملية أو علمية لا يبدع فيها الكاتب، فالناس متفاوتون في قدراتهم وفي مواهبهم وإبداعهم وليس بالضرورة إجبار النفس على امتهان أحد مجالات الإبداع بالإكراه والإجبار للذات التي ربما لا تمتلك تلك القدرة، فقط من أجل شهرة ما أو لكسب رضا أحدهم أو لتقليد الآخرين ممن لديهم تلك المواهب الإبداعية، فقد تمتلك مقومات للإبداع في مجال آخر غير الكتابة فاستغله ولا تقحم نفسك في ذلك المجال المفترض أن يعّبر عن أفكارك ولغتك وطريقتك في التعبير، وللأسف فإن البعض من أجل الشهرة في الكتابة لا يتردد في اللجوء لأحد الكتّاب المغمورين أو ممن يمتلكون أساسيات مهارة الكتابة ليكتبوا عنهم ويُصدروا إصدارات بأسمائهم ولا يخجلون أنها ليست من تأليفهم فعلاً، فلا أعلم كيف يحترمون أنفسهم وكيف بإمكانهم مناقشة الآخرين بأفكارهم حيث ان ذلك يظهر واضحاً عندما يدخلون في نقاش فتنكشف لغتهم الركيكة وتعبيرهم المتواضع فتستغرب كيف لمثل هذا المتحدث أن يؤلف كتابا، وكتابته لسطر لا تخلو من أخطاء إملائية ولغوية! * لا تفرض اسمك ككاتب إن لم تكن تمتلك مقومات الكتابة، فشغف الكتابة سيدفع الكاتب للاستمرارية والإبداع في كل المجالات، أما أولئك الذين يُكتب لهم نظير مادة ستتغير نظرياتهم في يوم ويكشفون أسراركم!