12 سبتمبر 2025
تسجيلاليومَ، ينتظرُ شعبنا وأشقاؤنا العربُ خطابَ سموِّ الأميرِ المفدى في الأممِ المتحدةِ، لأنه سيبينُ الخطوطَ العريضةَ لمساراتِ الأحداثِ في الخليجِ والعالم العربيِّ. فسموه لا يمثلُ بلادنا وشعبنا فقط، وإنما يمثل تياراً قوياً في بلادنا العربيةِ ينادي بالحوارِ بين الأشقاءِ، وتوحيدِ الصفوفِ، والتوجهِ نحو تنميةِ الدولِ،وتسخيرِ الإمكاناتِ للارتقاءِ بالشعوبِ بدلاً من توريطها في مغامراتٍ سياسيةٍ تدمرُ الأوطانَ وتعيدها إلى عصورِ ما قبلَ الحضارةِ. وفي انتظارنا للخطابِ، سنتحدثُ عن القوتينِ الناعمةِ والصلبةِ لبلادنا، واللتينِ ترتبطانِ ارتباطاً وثيقاً بسياساتِ سموه. القوةُ الناعمةُ للدولةِ، هي تأثيرها في الدولِ والشعوبِ، وقدرتها على إقناعِ الآخرينَ بصوابِ مواقفها السياسيةِ. أما الصلبةُ، فهي قدراتها العسكريةُ والاقتصاديةُ. أولاً: القوةُ الناعمةُ لبلادنا: 1) سياسةُ سموِّ الأميرِ المفدى: فقد كانَ حلمُ قياداتِ دولِ الحصارِ أنْ يقومَ سموهُ بإعلانِ حالةِ الطوارئ، وتقييدِ الحرياتِ، وفرضِ رقابةٍ صارمةٍ على الإعلامِ ووسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، لكنه، بثقافته الرفيعةِ وحكمته البالغةِ، أصرَّ على استمرارِ المواطنين والمقيمين في حياتهم المعتادةِ، واكتفى بتوجيهِ الجميعِ لمخاطبةِ العالمِ بأخلاقنا وفضائلنا، فتمَّ بذلكَ تحطيمُ الحلمِ. وحينَ اشتدتِ البذاءاتُ وتعاظمَ الانحطاطُ الأخلاقيُّ في تعاملِ إعلامهم وذبابهم الإلكترونيِّ مع بلادنا، قبادةً وشعباً، فإنهم كانوا يتوهمونَ أنْ حكومةَ بلادنا ستقومُ بالتضييقِ على مواطني دولِ الحصارِ، لكن سموه أوضحَ في كلِّ توجيهاته وخطبه أنه لا ينبغي الزجُّ بالشعوبِ في محرقةِ الخلافاتِ السياسيةِ، فتمَّ تحطيمُ الوهمِ. ونتجَ عن ذلك كله أنْ أصبحَ سموه رمزاً للقائدِ العربيِّ العادلِ الذي يستمعُ لآمالِ الشعوبِ ويحرصُ على مصالحها، فأصبحَ شخصه الكريمُ الركيزةَ الأولى في قوتنا الناعمةِ. 2) التأثيرُ في الشعوبِ: طوالَ اثنينِ وعشرينَ عاماً، كان لبلادنا تواجدٌ عظيمٌ في أوساطِ الشعوبِ العربيةِ والإسلاميةِ، لأنها انحازتْ لها، وقدمتْ ما تستطيعُ لتنميةِ مجتمعاتها، وتقوية اقتصاداتها، وتطويرِ منظومتي التعليمِ والصحةِ فيها دون أثمانٍ سياسيةٍ تمسُّ بسيادةِ الدولِ، أو تسهم في خلخلةِ نسيجها الاجتماعيِّ وأمنها الوطنيِّ. وهذا الأمرُ أسهمَ في وقوفِ الشعوبِ معنا ضد الحصارِ الذي كانتْ لدوله أيادٍ سوداءُ على أمنِ واستقرارِ ورفاهِ كثيرٍ من الدولِ والشعوبِ. 3) الشعبُ القطريُّ: كان شعبنا، المثقفُ المتعلمُ الواعي الملتزمُ بروحِ الإسلامِ والعروبةِ والإنسانيةِ، الفيصلَ في تهاوي المخططِ الذي بدأ تنفيذه بإعلانِ الحصارِ. فقد خاطبَ العربَ والمسلمين والشرفاءَ في العالمِ بلغةٍ رفيعةٍ فيها أخلاقٌ وأدبٌ وثقافةٌ، ولم ينحدرْ إلى هوةِ الانحطاطِ والتخلفِ الحضاريِّ التي تردى فيها كثيرون من دولِ الحصارِ، وكان لذلك أثرٌ هائلٌ في ترسيخِ الصورةِ الحقيقية لبلادنا كوطنٍ للإنسانِ، ولشعبنا كشعبٍ نبيلٍ في أخلاقه. ثانياً: القوةُ الصلبةُ لبلادنا: 1) القوةُ العسكريةُ: رغمَ المحاولةِ الانقلابيةِ الفاشلةِ سنة 1996م، ظلتْ بلادنا ملتزمةً بأنْ تكونَ قدراتها العسكريةُ جزءاً من القدراتِ العسكريةِ لمجلسِ التعاونِ. لكن التهديدَ الوجوديَّ الذي بيَّنهُ حصارُ ثلاثِ دولٍ بالمجلسِ دفعها لبناءِ قوتها المستقلةِ. ونظراً لكونِ بلادنا مسطحةً لا توجدُ فيها جبالٌ ووديانٌ، فقد اتجهتْ لتكوينِ جيشٍ بريٍّ احترافيٍّ، وتقويةِ سلاحي الجوِّ والبحريةِ بحيثُ يتمُّ صدُّ أيِّ عدوانٍ خارجيٍّ. ورافقَ ذلك، توقيعُ اتفاقاتِ دفاعٍ مشتركٍ، واتفاقاتٍ عسكريةٍ وأمنيةٍ مع عددٍ من الدولِ القويةِ عسكرياً وسياسياً في العالمِ، مما جعلَ من تطويرِ أيِّ عدوانِ محتملِ على بلادنا عملاً انتحارياً سينعكسُ سلباً على الذين يقومونَ به. 2) القوةُ الاقتصاديةُ: لم تمضِ أيامٌ قلائلُ على الحصارِ حتى استطاعتْ بلادنا امتصاصَ الصدمةِ الأولى، ووجدتْ في دولٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ شقيقةٍ مصدراً للدعم المباشرِ والسريعِ للأدويةِ والمنتجاتِ الزراعيةِ والغذائيةِ، مما أفشلَ محاولةَ دولِ الحصارِ لتجويعِ المواطنينَ والمقيمينَ والإضرارِ بهم في مجالِ الرعايةِ الصحيةِ. ولم تمر ثلاثةُ شهورٍ، إلا بدأتْ بلادنا تتجهُ إلى مجالاتٍ أرحبَ في التنميةِ والإعمارِ والبناءِ من خلالِ علاقاتٍ اقتصاديةٍ أعظمَ من مثيلاتها قبلَ الحصارِ. أما أهمُّ ركائزِ قوتنا الاقتصاديةِ، فقد كانتْ في ترسيخِ صورةِ بلادنا كدولةٍ تلتزمُ بالقوانينِ الدوليةِ، ولا تسمحُ للخلافاتِ والأزماتِ السياسيةِ أنْ تؤثر في اتفاقاتها مع الدولِ، مما جعلها مركزاً جاذباً للاستثماراتِ، وشريكاً موثوقاً ذا مصداقيةٍ عاليةٍ. [email protected]