03 نوفمبر 2025

تسجيل

تحدي المالية العامة في الخليج

25 سبتمبر 2016

يعد تسجيل عجز في الموازنات العامة بصورة مجتمعة في دول مجلس التعاون الخليجي ظاهرة جديدة نسبيا. مما لا شك فيه أن السبب الجوهري لهذا التطور ليس سوى انخفاض أسعار النفط منذ منتصف 2014.وجاء في تقرير حديث لشركة كامكو الكويتية للاستثمار أن حجم النقص المتوقع في موازنات المنظومة الخليجية بصورة مجتمعة مرشح لبلوغ 153 مليار دولار في عام 2016 مرتفعا من 119 مليار دولار والذي تم تسجيله في 2015. اللافت توقُّع التقرير رصد عجز سنوي يفوق 100 مليار دولار في الموازنات الخليجية حتى 2021 في ضوء التوقعات ببقاء أسعار النفط منخفضة. وحسب التقرير، يعتبر عجز الموازنة العامة في السعودية مسؤولا عن 55 بالمائة من العجز الكلي في الموازنات الخليجية في عام 2016. مؤكدا أن السعودية هي صاحبة أكبر اقتصاد خليجي وعربي لكن تبقى النسبة كبيرة بالنسبة لمساهمة بلد واحد. يشار إلى أن السعودية سجلت عجزا قدره 98 مليار دولار في 2015 مقارنة بعجز متوقع بنحو 87 مليار دولار لعام 2016. في المقابل، تم تسجيل فوائض مالية قبل 2015 عدة سنوات، وتحديدا 14 مليار دولار في عام 2014 و53 مليار دولار في 2013 فضلا عن 103 مليارات دولار في 2012 قبل هبوط أسعار النفط. اللافت كذلك بدء تسجيل الكويت عجزا في الموازنة العامة يفوق 15 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في مارس وبالتالي إنهاء سنوات متتالية من الفوائض المالية. وفي خطوة نادرة، قررت وكالة موديز مؤخرا منح نظرة سلبية بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الكويتي في ضوء القلق من تنفيذ السلطات لإصلاحات مالية واقتصادية.كما تم تسجيل عجز يقترب من 12 مليار دولار في سلطنة عمان في 2015 لكن الرقم مرشح للانخفاض في 2016 عبر معادلة ترشيد الإنفاق وتعزيز الإيرادات. إضافة إلى ذلك، تم إعداد موازنة البحرين للسنة المالية 2016 بعجز يزيد على 4 مليارات دولار أو قرابة 42 بالمائة من حجم النفقات المقدرة للسنة المالية. مؤكدا، يمكن المجادلة بالنسبة للأرقام المتوقعة لعجز الموازنة في المنظومة الخليجية ولكن ليس فيما يخص فرضية بقاء تهديد العجز قائما على الأقل لفترة زمنية. ومرد ذلك وجود تحديات هيكلية بالنسبة لأسعار النفط ليس من المرجح أن تختفي في المستقبل القريب. توجد قناعة مفادها أن تراجع أسعار النفط منذ أكثر سنتين وبقاء الأسعار منخفضة له علاقة بالعرض أكثر منه بالطلب. طبعا موضوع الطلب مهم خصوصا التحديات الاقتصادية في بعض الاقتصادات الرئيسة مثل الصين والهند. بيد أنه هناك مسألة تداعيات العرض القوي والمتزايد للنفط الخام من قبل الولايات المتحدة في السنوات القليلة الماضية. وجاء في أحدث تقارير إحصاءات الطاقة ومصدره شركة بريتيش بتروليوم أن إنتاج النفط الخام من الولايات المتحدة بلغ نحو حوالي 7 ملايين برميل يوميا في عام 2009 لكنه ارتفع لنحو 11.7 مليون برميل في عام 2014. طبعا، يترجم هذا إلى زيادة العرض العالمي من النفط الخام بصورة مستمرة وتقليص مستوى الاعتماد على النفط المستورد خصوصا من منطقة الشرق الأوسط.وعلى هذا الأساس، يلاحظ عدم حصول ارتفاع يذكر لأسعار النفط في الأسواق الدولية حتى مع حدوث تطورات أمنية وسياسية في منطقة الشرق الأوسط وما أكثرها. بمعنى آخر، هناك واقع جديد فرض نفسه على أسواق النفط لا ينصب بالضرورة في مصلحة الدول المصدرة للنفط ومنها مجلس التعاون، الأمر الذي يفسر إمكانية تسجيل عجز في الموازنات العامة.