11 سبتمبر 2025
تسجيلمن أجمل أوقات الإنسان هي الأوقات التي يملأها بالفائدة وبما يسعده، ومن أهم هذه الأوقات على الإطلاق مشاركة العائلة بالجزء الأوفر منها، وتليه أوقات لصلة الأرحام، فهي أوقات للبركة والتوفيق وطول العمر، وهناك أوقات للاستمتاع كوقت للقراءة والكتابة أو الرياضة أو بما يحبه كل شخص ويهواه، كما أن هُناك الوقت غير الاختياري مُلزم وهو وقت العمل. فيكاد أن يكون الجميع قد أفنى سنوات عمره بحلوها ومرها في العمل بالتفاني والإنجاز والإبداع، وأهمية العمل تقع بالمقام الأول في الكسب المادي الذي هو الركيزة الأساسية لمتطلبات الحياة، والأمر الآخر الذي لا يقل أهمية هو شعور الإنسان بالتقدير لما يقوم به والتقدير الشخصي لذاته لما يقدمه من علم أو خدمة للغير والعمل على نشر تلك الفائدة لجميع فئات المجتمع، وظيفياً في خدمة المراجعين وتطوير المؤسسة التي يعمل بها وإنسانياً في تيقنه بأنه إنسان له دور في هذه الحياة وفي مجتمعه وله الأثر في وطنه. وقد عملت الدولة على تأمين الحياة الكريمة لكل مواطن بعد سنواته الطويلة التي قضاها في العمل، وذلك بإنشاء صندوق سُمي بصندوق التقاعد، وهو الاستثمار بعيد المدى وهو ما يُشعر المواطن بأنه في أمان من التقلبات الاقتصادية والقلق حيال ما بعد سن التقاعد بضمان حياة كريمة له ولأبنائه. ولكن هُناك مشكلة وخلل حدث في أحد أوجه العطاء والحقوق، فالاستحقاق الذي يُصرف للمواطن المتقاعد ينحصر في علاوتين فقط الراتب الأساسي والعلاوة الاجتماعية!. ومن المستغرب إزاحة علاوة بدل السكن من المواطن والإيحاء للجميع بأن هذه العلاوة "بدل السكن" مرتبطة بالعلاوات الوظيفية!، وهو ما ينافي العقل والمنطق. فبعودتنا إلى أغلب العلاوات الوظيفية التي تُصرف نرى الإنصاف في إلغائها عند التقاعد كـ علاوة بدل التنقل، العلاوة الإشرافية، علاوة بدل أمانة، بدل هاتف، علاوة بدل طبيعة العمل، فجميع تلك العلاوات توضح بما لا يجعل هناك جدلاً بأمرها أنها علاوات مرتبطة كُلياً بالوظيفة وبشكل تام، أما علاوة بدل السكن فهي علاوة أساسية لا ترتبط بالوظيفة بل ترتبط بالمواطن، فهل يُعقل أن الموظف عند تحويله للتقاعد يتم استقطاع العلاوة منه وكأن السكن مرتبط بمهامه الوظيفية!. علاوة بدل السكن هي إحدى الركائز الأساسية الثلاث (الراتب الأساسي، العلاوة الزوجية، بدل السكن)، فلا يجب الفصل بينها حتى لا يحدث الخلل. فليس من المعقول أن يُطلب من الموظف عند تقاعده إخلاء السكن الحكومي (RA) أو تحمله قيمة الإيجار كاملة وذلك بسبب أن علاوة بدل السكن تم إلغاؤها مع التقاعد!. فالأمان الوظيفي بصندوق التقاعد لا يقل أهمية عن الأمان النفسي والمجتمعي والعائلي للمواطن، فبإلغاء علاوة بدل السكن ألغي هذا الأمان وعمل على تكلُف المواطن أعباء إضافية عليه وعلى عائلته بسبب تحويله للتقاعد مما يسبب له خلافات عائلية وعدم استقرار وكأن التقاعد أصبح بنداً عقابيا لا مشروع تأمين حياة وإكرام للموظف بعد سنواته الطويلة في عمله. فنرجو من أصحاب القرار والقائمين على هذا الصندوق إعادة النظر وتصحيح المسار وتقدير الموظف، الذي هو يتمثل في الأب والأخ والابن وهو الجيل السابق والجيل الحاضر وجيل المستقبل فإن أمان واستقرار المواطن هو من أمان واستقرار الدولة. bosuodaa@