07 أكتوبر 2025

تسجيل

تقدير عالمي لاقتصادات دول مجلس التعاون

25 أغسطس 2013

تمر اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بظروف إيجابية في المجموع تتميز بضخ أموال ضخمة في مجال البنية التحتية. ويمكن ملاحظة هذه الحقيقة عبر ظاهرة استدامة نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول الست كما تصرح بذلك المؤسسات الدولية الرائدة في هذا المجال. فحسب صندوق النقد الدولي، يتوقع أن تسجل دول مجلس التعاون نموا اقتصاديا فعليا، أي بعد طرح عامل التضخم، نموا يرتفع عن 4 في المائة في العام 2013. ويعود الأمر إلى حالة التطور في القطاع النفطي إضافة إلى تعزيز نفقات القطاع العام فضلا عن أنشطة القطاع الخاص. ومن حسن الحظ، توظف دول المنظومة الخليجية العوائد النفطية لإبعاد اقتصاداتها من شبح الاعتماد الكبير على القطاع النفطي. ويتجلى هذا الأمر بشكل واضح في هذه الفترة بالذات في السعودية وقطر من خلال تسارع خطى إقامة مشروع مترو في كل من الرياض والدوحة بكلفة مالية تقدر بمليارات الدولارات. التقدير الدولي لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي له ما يبرره بالنظر للقيمة الإجمالية للناتج المجلي الإجمالي للدول الست بصورة مجتمعة. فحسب أحدث الإحصاءات المتوافرة، يفوق حجم الناتج المحلي الإجمالي الخليجي حاجز 1.5 تريليون أو 1500 مليار دولار. يعتبر هذا الرقم نوعيا كونه يشكل أكثر من 2 في المائة عن القيمة الكلية للناتج المحلي العالمي وقدره 70 تريليون دولار. لأغراض المقارنة، يعتبر كيان الاتحاد الأوروبي أكبر كتلة اقتصادية كونه يمثل نحو 23 في المائة من مجموع الاقتصاد العالمي. وحديثا وتحديدا في شهر يوليو الماضي، ارتفع عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى 28 بلدا بعد انضمام كرواتيا بشكل رسمي. لا شك فهم الأهمية الاقتصادية النسبية للمجموعة الأوروبية كونها تضم بعض أكبر الاقتصادات العالمية مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا. بدورها، تمثل الولايات المتحدة وبصورة منفردة نحو 21 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي الأمر الذي يعكس الأهمية النسبية الكبيرة للولايات المتحدة في الشأن الاقتصادي الدولي. ويعتقد بأن الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي يحل في المرتبة رقم 13 على مستوى العالم. مؤكدا، يعد هذا إنجازا بالنظر لوجود أكثر من 200 دولة في العالم موزعة على القارات المختلفة. حقيقة القول، تحتل بعض اقتصادات دول مجلس التعاون مكانة مرموقة على الصعيد العالمي الأمر الذي يعزز من مكانة المنظومة الخليجية. على سبيل المثال، يأتي ترتيب الاقتصاد السعودي في المرتبة رقم 20 على مستوى العالم ما يعد أمرا غير عاديا في كل حال من الأحوال. وفي هذا الصدد، لا توجد غرابة من سيطرة الاقتصاد السعودي على ما نسبته 47 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي الخليجي. بل يعد الاقتصاد السعودي الأكبر بلا منازع في العالم العربي. كما يأتي ترتيب الناتج المحلي الإجمالي السعودي قبل عدد غير قليل من الدول الأوروبية مثل السويد والنرويج وبلجيكا وغيرها. وهذا ربما يفسر بشكل جزئي عضوية السعودية في مجموعة العشرين والتي تضم كبريات الاقتصادات العالمية مثل الولايات المتحدة والصين وألمانيا والهند واليابان وتركيا وإندونيسيا. بل تعتبر السعودية الدولة العربية الوحيدة والتي تحظى بشرف العضوية في نادي الكبار. وفي الأسبوع الأول من شهر سبتمبر سوف تستضيف مدينة سانت بيترزبيرع الروسية قمة مجموعة العشرين للعام 2013 في خضم تحديات عالمية. من جملة الأمور اللافتة، تكمن أهمية القمة بـتوفيرها فرصة لعقد لقاء جانبي بين الرئيسن الأمريكي والروسي في أعقاب في ظروف دولية حساسة. وكانت الولايات المتحدة قد ألغت قمة رسمية في موسكو تجمع بين الرئيس أوباما ونظيره الروسي بوتين لأسباب تشمل حصول المبرمج والمحلل الأمريكي (إدوارد سنودن) والذي سرب أسرار أمريكية حول عمليات التجسس، حصوله على حق اللجوء السياسي المؤقت في روسيا. من جهة أخرى، تتمتع اقتصادات أخرى في دول مجلس التعاون على مكانة عالمية لا تقل أهمية كما هو الحال مع الإمارات. ويلاحظ بأن الاقتصاد الإماراتي يحل في المرتبة رقم 30 على مستوى العالم. لا شك، يعد هذا الترتيب لافتا كونه يتقدم على مراتب اقتصادات أوروبية أخرى مثل الدنمارك واليونان وفنلندا. وقبل عدة سنوات، نجحت الإمارات في إقصاء مصر كثاني أكبر اقتصاد عربي. وتحقق ذلك من خلال النمو الاقتصادي الشامل في الإمارات من خلال تطور القطاع النفطي في إمارة أبو ظبي والقطاعات التجارية والخدمية في دبي. وخير دليل على هذا الكلام تربع طيران الإمارات على عرش الطيران العالمي وحصول مطار دبي الدولي على شهادات تشمل الحلول في المرتبة الثانية بعد مطار لندن هيثرو لتنقلات المسافرين للرحلات الدولية. لا شك، يوجد تباين واضح في مساهمة الدول الأعضاء في مجلس التعاون في مجموع الناتج الإجمالي الخليجي. فضلا عن الثقل اللافت للسعودية، تساهم كل من الإمارات وقطر والكويت وعمان والبحرين بنحو 23 في المائة، 12 في المائة، 11 في المائة، 5 في المائة و2 في المائة على التوالي. مؤكدا، يقتضي الصواب استخدام العوائد النفطية لتحقيق التنوع الاقتصادي المشهود. لكن هذا لا يمنع القول بأن دول مجلس التعاون ما زالت تعتمد على القطاع النفطي بشكل مبالغ فيه بدليل تشكيل عوائده قرابة ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة العامة والصادرات. ومن الأفضل الذهاب لخيار التنوع الاقتصادي في الظروف الاقتصادية الملائمة أي الإيجابية في ظل محافظة أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة. فما زالت أسعار النفط تتمحور حول متوسط سعر 100 دولار للبرميل للعام الخامس على التوالي ما يعد أمرا غير مألوفا. وتبين من خلال التجربة قدرة دول مجلس التعاون على رصد فوائض في الموازنات العامة بالنظر لتنبي متوسط أسعار أقل من الأسعار السائدة في الأسواق الدولية.