10 سبتمبر 2025
تسجيللا تأخذ الحياة على محمل العُسر فتشق عليك، تضيق بك دروبها، وتُغلق دونك أبوابها، وتريك حالك ظلامها، فتضيق نفسك، وتنقطع بك السُّبل عن الراحة فيها والابتهاج ! فتظن أن الحياة ليست سوى شقاء مستمر، ودار عذاب متصل، وامتحان عسير صعب يضيّق الصدور، ويتيه بالنفوس أسى وحيرة ! ويغيب عن فهمك أن الحياة تحمل المتناقضات، تشرق بالنور وتخيّم بالظُّلمة، وفيها الخير والشر قرينان، والعسر واليسر طرق مترادفة متاحة، وأن الاختيار طيّع بين يديك، لك أن تعيها شرّ محض، أو عسر فج لا ينقطع، أو أن تتصل باليسر فيها، فتُبصر حكمة الباري خلف كل شر ظاهر لك، لأنك تُدرك أن الخير فيه مستتر، وتعلم أن لكل باب مغلق مفتاحا من تدبير الحكيم يفتحه لك من حيث لا تحتسب، وتؤمن أن السبل وإن شق المسير فيها فهي إلى الخير لابد أن تؤول، وتشعر بقلبك أن مع كل عسر يسرين، وأن البركات تحيطك تطوي لك الأزمان، وتُثمر لك الجهود، وتسخر لك الأسباب، فلا تلبث أن تجد أن كل شيء قد انتظم في مكانه وتوقيته لا هو بمستقدمٍ ولا مُستأخر، قد تيّسر كل صعب، وانحلت كل عُقدة، وتبدد كل تعب ! فلا تعوّل على غير مسبب الأسباب، ومدبّر الأمور، حينها تُقبل عليك الحياة بكُليتها، وتأتيك الدنيا وهي راغمة، وتُشرق عليك بأنوارها، تُفتح لك الأبواب، وتُعبّد لك السُّبل، لتعلم يقيناً أنك متى ما أدركت الحياة بوعي اليُسر تذللت لك، ومتى آمنت بحكمة العليم الحكيم أمنت وسَلمت. لحظة إدراك: عندما تعلم أن الله يريد بنا اليُسر، وييُسره لنا من حيث نعلم ولا نعلم، وأنه بحكمته سبحانه قدّر أن مع كل عسر يُسرين، تُدرك حينها يقيناً أن كل وعي يحمل الشدّة والعسرة، والقلق والخوف هو من نفسك، ومن الظلم لها أن تكون تحت رحمة الرحيم وفي ألطاف اللطيف الودود، ولكنها تؤثر عُسراً، وتُفضّل خوفاً ويأساً يمنعها من العيش في نعيم الرضا والتسليم.