10 سبتمبر 2025

تسجيل

"إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً"

25 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30).. هنا بيان لأمر آخر من جنس الأمور المتقدمة المؤكدة للإنكار والاستبعاد، فإن خلق آدم عليه السلام وما خصه به من الكرامات السنية المحكية من أجل النعم الداعية لذريته إلى الشكر والإيمان الناهية عن الكفر والعصيان.. (وإذ قال ربك للملائكة)، قال أكثر الصحابة والتابعين إنهم كل الملائكة لعموم اللفظ وعدم المخصص. (إني جاعل في الأرض خليفة)، أي إني جاعل خليفة من الخلائف. أو خليفة بعينه كائنا في الأرض والذي يقتضيه المقام هو الإخبار بجعل آدم خليفة فيها كما يعرب جواب الملائكة (عليهم السلام).. فإنه روى أنه تعالى لما قال لهم "إني جاعل في الأرض خليفة"، قالوا ربنا وما يكون ذلك الخليفة. قال تعالى: يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا. فعند ذلك قالوا ما قالوا والله تعالى أعلم. والمراد به إما آدم عليه السلام وبنوه وإما من يخلف أو خلف فيعمه (عليه السلام)، وغيره من خلفاء ذريته. والمراد بالخلافة: إما الخلافة من جهته سبحانه في إجراء أحكامه وتنفيذ أوامره بين الناس وسياسة الخلق وإما الخلافة ممن كان في الأرض قبل ذلك فتعم حينئذ الجميع (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها)، والمعنى: أتجعل فيها من يفسد فيها خليفة ومدره أن يستخلف لعمارة الأرض وإصلاحها بإجراء أحكام الله تعالى وأوامره. أو يستخلف مكان المطبوعين على الطاعة مَن مِن بني نوعه الإفساد وسفك الدماء وهو (عليه السلام) وإن كان منزها عن ذلك إلا أن استخلافه مستتبع لاستخلاف ذريته التي لا تخلو عنه غالبا وإنما أظهروا تعجبهم استكشافا عما خفي عليهم من الحكم التي بدت على تلك المفاسد وألغتها واستخبارا عما يزيح شبهتهم ويرشدهم إلى معرفة ما فيه (عليه السلام)، من الفضائل التي جعلته أهلا لذلك كسؤال المتعلم عما ينقدح في ذهنه لا اعتراضا على فعل الله سبحانه. ولا شكا في اشتماله على الحكمة والمصلحة إجمالا. ولا طعنا فيه (عليه السلام) ولا في ذريته على وجه الغيبة. فإن منصبهم أجل من أن يظن بهم أمثال ذلك. قال تعالى "بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" وإنما عرفوا ما قالوا إما بإخبار من الله تعالى حسبما نقل من قبل أو بتلق من اللوح أو باستنباط عما ارتكز في عقولهم من اختصاص العصمة بهم أو بقياس أحد الثقلين على الآخر. (ويسفك الدماء) السفك والسفح والسبك والسكب أنواع من الصب. والأولان مختصان بالدم بل لا يستعمل أولهما إلا في الدم المحرم أي يقتل النفوس المحرمة بغير حق. والتعبير عنه بسفك الدماء لما أنه أقبح أنواع القتل وأفظعه. (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)، كأنه قيل أتستخلف من شأن ذريته الفساد مع وجود من ليس من شأنه ذلك أصلا. والمقصود عرض أحقيتهم بالخلافة. واستفسار عما رجحهم عليهم مع ما هو متوقع منهم من الموانع لا العجب والتفاخر. فكأنهم شعروا بما فيهم من القوة الشهوية التي رذيلتها الإفراطية الفساد في الأرض. والقوة الغضبية التي رذيلتها الإفراطية سفك الدماء فقالوا ما قالوا. وذهلوا عما إذا سخرتهما القوة العقلية ومرنتهما على الخير. يحصل بذلك من علو الدرجة ما يقصر عن بلوغ رتبة القوة العقلية. عند انفرادها في أفاعيلها.. والمعنى ننزهك عن كل مالا يليق بشأنك ونحن نسبح بحمدك على ما أنعمت به علينا من فنون النعم التي من جملتها توفيقنا لهذه العبادة. فالتسبيح لإظهار صفات الجلال. والحمد لتذكير صفات الإنعام. أي نقدس تقديسا لك أي نصفك بما يليق بك من العلو والعزة. وننزهك عما لا يليق بك. وقيل المعنى نطهر نفوسنا عن الذنوب لأجلك. كأنهم قابلوا الفساد الذي أعظمه الإشراك بالتسبيح وسفك الدماء الذي هو تلويث النفس بأقبح الجرائم بتطهير النفس عن الآثام لا تمدحا بذلك ولا إظهارا للمنة بل بيانا للواقع. (إني أعلم مالا تعلمون)، ليس المراد به بيان أنه تعالى يعلم ما لا يعلمونه من الأشياء كائنا ما كان، فإن ذلك مما لا شبهة لهم فيه حتى يفتقروا إلى التنبيه عليه لاسيَّما بطريق التوكيد. بل بيان أن فيه معاني مستدعية لاستخلافه. إذ هو الذي خفي عليهم. وبنوا عليه ما بنوا من التعجب والاستبعاد والمعنى إني أعلم ما لا تعلمونه من دواعي الخلافة فيه. وإنما لم يقتصر على بيان تحققها فيه عليه السلام لإحاطته تعالى به. وغفلتهم عنه تفخيما لشأنه وإيذانا بابتناء أمره تعالى على العلم الرصين. والحكمة المتقنة. وصدور قولهم عن الغفلة. وقيل معناه إني أعلم من المصالح في استخلافه ما هو خفي عليكم.