11 سبتمبر 2025
تسجيللِسائل أن يسأل وله حق في ذلك: ما سبب هذه العناية الفائقة للقرآن بالقصة؟ وما الفائدة من تكرار القصة بصورة مغايرة في سورة دون أخرى؟ وما الفائدة التي تستهدف القصة في القرآن إيصالها؟ وكيف يستفيد الدعاة إلى الله من الأسلوب القصصي في الدعوة إليه؟يحسن الإجابة على هذه التساؤلات في نقاط محددة على النحو التالي: أولا: من المعلوم أن القصة كانت – ولا تزال – مدخلا طبيعياً يدخل منه أصحاب الرسالات والدعوات والهداة والقادة إلى الناس وإلي عقولهم وقلوبهم ولعل عصرنا هذا هو خير شاهد علي ما للقصة من سلطان في الحياة. ومن أثر في تغيير أوضاعها وتلوين وجوهها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فهي ذات تأثير فعال في قيادة الجماعات البشرية في كل وقت وحين. وإذا كان البشر وهم أهل القصور يعنون بهذا النوع من الأدب، أفلا يعني القرآن الكريم –وهو كتاب الإنسانية الأكبر الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه – بالقصص؟ثانيا: هناك أغراض ذكرها أهل العلم للدلالة على أهمية القصة في القرآن، ومن أهم تلك الأغراض:1- تحقيق الهدف والغاية التي لأجلها خلقت الخليقة: الدعوة إلى التوحيد، فلم يرسل الله رسولا قط إلا بدعوة قومه إلى توحيد الله عز وجل، ونبذ عبادة ما سواه، قال تعالي (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).2- اثبات عالمية الدين وبيان أن دعوة الرسل جميعاً واحدة، وأن الدين الذي جاء به الجميع واحد من عهد نوح إلى عهد محمد صلى الله عليه وسلم. وأن المؤمنين كلهم أمة واحدة، والله الواحد رب الجميع، فلا عذر لمن يتخلف عن الإجابة ويتبع هواه، وفي ذلك يقول الله تعالي: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ). ويقول تعالي في قصة نوح (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ. وفي شأن صالح عليه السلام يقول تعالي: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ). وهود عليه السلام يقول الله عنه: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ). وقال تعالي في شأن شعيب عليه السلام: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ).فالدين واحد من لدن آدم عليه السلام مرورا ببعثة رسول الله وانتهاء بزوال الدنيا، ودعوة الرسل جميعا كانت تدور حول الدعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبودية، وتلك مهمة الأنبياء ومن خلفهم الدعاة إلى الله عز وجل.