17 سبتمبر 2025

تسجيل

ثمن الحقيقة

25 يونيو 2014

بعد المواقف السياسية الرسمية المستنكرة والمنددة، وبعد استدعاء السفراء، على خلفية الحكم المصري الغريب بحبس ثلاثة من صحفيي الجزيرة لمدد تتراوح من سبع إلى عشر سنوات،تم تنظيم عدة تجمعات صامتة في كافة أنحاء العالم للتعبير عن الدعم للصحفيين الثلاثة، ورفض القرار الجائر، حيث تظاهر المئات من العاملين في الـ"بي بي سي" وغيرها من وسائل الإعلام الدولية صباح أمس في لندن، في حين أعلنت الحكومة الأسترالية أنها تعتزم الطلب رسميا من السيسي العفو عن مواطنها بيتر غريست في هذه القضية ذات "الدوافع السياسية".الرسالة الوحيدة التي أجمع العالم على إرسالها إلى حكومة مصر، ورئيسها عبد الفتاح السيسي، هي رسالة الرفض والاستنكار والإدانة لهذا القرار، الذي لاينسجم مع المواثيق والعهود الدولية المنظمة والضامنة لحقوق الانسان وحرية التعبير، كالإعلان العالمي لحقوق الانسان، والمواثيق الأوروبية والأميركية والافريقية لحقوق الانسان والشعوب، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي اعتمد في القمة العربية السادسة عشرة في تونس سنة 2004.القرار القضائي في حيثياته كان قرارا سياسيا بامتياز، لم يستند إلى حقائق أو وقائع، بل اكتفى بالاتهام والإدانة، دون الدليل المادي المطلوب لإثبات شبهة الجرم، ولذلك فإن إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس رفضه "التدخل" في شؤون القضاء، لايمكن اعتباره إلا جزءا من سياسة الهروب إلى الأمام، بدل مراجعة هذا القرار من أجل سمعة مصر ومكانة مصر التي نحرص جميعا على أن تبقى مصونة من جميع الشبهات والنقائص.هذا الحكم الذي أثار غضب الحكومات الغربية، وأدانته المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة، لايمكن أن يستمر، وحتى يبقى القضاء المصري "مستقلا وشامخا" عليه أن يراجع هذا القرار، ويطلق سراح صحفيين لاذنب لهم سوى أنهم نقلوا الحقيقة دون تحيز أو دعاية، ولكونهم تمسكوا بمهنيتهم دفاعا عن الحقيقة.. وفي انتظار القرار العادل سيبقى العالم كله واقفا إلى جانب الحق، الذي هو حق هؤلاء في الحرية، بعد دفع ثمن البحث عن الحقيقة.