11 سبتمبر 2025
تسجيلعائلاتنا إلى أين تسير؟ ونحن في زمان طريقنا مملوءة بالذئاب المفترسة، وقافلة البيت تسير بمفردها، انتبهوا.. فلن يبقى شيء اسمه الأسرة، إلى أين نسير؟، بيت خالٍ من المشاعر، بيت كل فرد فيه دولة مستقلة، منعزل عن الآخر، ومتصل بشخص آخر خارج هذا البيت، لا يعرفه، بيت لا جلسات ولا حوارات ولا مناقشات ولا مواساة. تيقظوا.. هكذا بيوت العنكبوت واهية، الأب الذي كانت تجتمع حوله العائلة تبدل دوره، الأم التي كانت تلملم البيت بحنانها ورحمتها تحولت وصارت مشغولة أيضا بالعالم الافتراضي. في بيوت الكل مشغول فيها، إلى أين نسير؟، الأبناء تحولوا من مسؤولين إلى متسولين، يتسولون كلمة اعجاب من هنا، ومديحا مزيفا من هناك، وتفاعلاً من ذاك وهذا وهذه، زمان أصبحنا نستجدي فيه الحنان من الغريب بعدما بخلنا به على القريب، إلى أين نسير؟ غياب أركان البيت هذه هي الأم، تعيش في العالم الافتراضي، لا يمر منشور إلا وضعت بصمتها عليه، لا تدري ماذا في بيتها؟ وهل لها بصمة في سكينته ومودته؟، وهكذا أيضا الأب، يهتم بكل مشاكل العالم ويحلل وينظر لكل احداث الأسبوع وهو لا يعلم ماذا يدور في بيته، ولا يستطيع تحليل الجفاف العاطفي والروحي في داخل داره، إلى أين نسير؟. أم يحزنها ذلك الشاب الذي كتب اني حزين!، وهي لا تدري أن ابنتها غارقة في الحزن والوحدة، أم تتأثر لقصص وهمية، أب يخطط لنصيحة شابة تمر بأزمة نفسية وهو لا يهتم بابنته التي تعيش في أزمات، ابن معجب بكل شخصيات العالم الافتراضي، ويراها قدوة له، ويحترمها ويبادلها الشكر لما تنشره ووالده الذي تعب من أجله لم يجد كلمة شكر ولا مديح. لماذا هكذا بات المسير؟! أصبحنا للأسف.. نبحث عن رسالتنا خارج البيت، نريد أن نؤدي رسالتنا خارج أسوار البيت مع الآخرين، مع الغرباء، مع من لا نعرفهم. فما الحل وما العلاج إذن؟ في المقام الأول يجب أن نضع في قاعدتنا الأساسية رسالتنا تبدأ من البيت وفي بيوتنا ومع أهلنا ولنعلم اننا نعمل على أداء رسالتنا في البيت قبل الشارع. مقاومة العادات الدخيلة يرى علماء علم النفس أن الإنسان منذ الطفولة، يشعر بالحاجة والضعف والفقر، وتحتاج نفوسهم للتعلق بمن له صفات القوة والكمال والغنى، لذا لجأ مصنعو أفلام الكرتون، في برامج الأطفال، إلى اصطناع شخصيات وهمية، مثل سوبرمان، يراقب الناس من علو، ويأتي لينقذ من يحب، وله صفات القوة، وغيره، من الشخصيات الكرتونية، التي تحمل نفس الصفات، هذا يملأ قلب وعقل الطفل، لأن فطرته بحاجة إلى قوي، أنت لم تملأ قلبه بالتعلق بالله، سيأتي من يملأ قلب طفلك بالتعلق بغيره، من شخصيات وهمية، ولا تعلقه حتى بك، أنت قد تغيب قد تمرض وتضعف، وقد تفارق هذه الحياة، اجعله يشعر بالأمان الحقيقي، مع الذي أقوى منك وأغنى منك، اجعل تعلقه بالله، لأنك ستسد الحاجة الفطرية عنده، وسيبقى متوازناً، حتى لو بقي وحيداً بمرور الأيام، لن يخاف لو واجه صعوبات الحياة، لأنه يعلم أن المعين هو الله، سيشعر بالأمان وأن الله يحميه، وسيشق طريقه متوكلاً عليه، لذلك فإن أعظم ما يورثه الوالدان لأطفالهما، ليس المال والثروة، بل عقيدة راسخة، وقلوب مؤمنة بالله. كسرة أخيرة من أجمل وصفات العلاج لتتعود بيوتنا وأسرنا على الألفة والمودة التي كانت، هو اتباع برنامج خاص لبناء العلاقة مع الأبناء تتضمن حوارا يوميا لمدة عشر دقائق باعتبارهم أصدقاء (بدون نصح ولا توجيه مباشر)، ثم التعبير عن مشاعر الود والحب من الآباء للأبناء من ٥ - ١٠ مرات يومياً، مدح الأبناء يومياً خمس مرات على الأقل على سلوك إيجابي فعله، مدح الأبناء يومياً خمس مرات على الشكل الخارجي (ابتسامته – شعره - عينيه - أي شيء فيه)، مرتين اسبوعيا، مشاركة الابن نشاطا خارج البيت حتى لو استغرق خمس دقائق (مشي - رياضة - تمشيه - لفّة بالسيارة)، ثلاث دقائق يومياً لتثبيت القيم قبل النوم: كنت سعيداً عندما رأيتك اليوم تحافظ على الصلوات الخمس، أو مساعدتك لأختك الصغيرة كان جميلا منك، أو وفائك بالاتفاق جميل، مرتين أسبوعياً عشاء مع العائلة في البيت أو خارجه يكون وقته طويلا حتى يتم الحديث والتحاور مع العائلة بوقت أكثر، الجلوس مع الابن في مكان هادئ واطلب منه أن يقول كل ما يريد بلا قيود ولا نقاش ولا أرد عليه ولا أقاطعه ولا تعقيد حتى يشعر بالطمأنينة ليبوح لك بما في نفسه، وهناك الكثير من البرنامج التربوية تتضمنها مواقع الكترونية متخصصة يمكن الرجوع إليها وتطبيقها في بيوتنا لتعود المحبة والألفة والمودة والترابط التي أفقدتنا لها مستجدات الحياة.