18 سبتمبر 2025
تسجيلكل ما يميز كل واحد منا؛ ليتميز به عن غيره يمكن بأن يُعرف بالهوية الخاصة به، والتي تدور حول جملة من الصفات التي يشترك بها مع غيره من الظاهر وعلى السطح فقط، ولكنها تلك التي تختلف ودون شك وبدرجة عميقة حين يصل الأمر إلى الأعماق، خاصة أنها تركيبة تجمع من الفرد ذاته خبراته الحياتية وكل تجاربه التي خاضها؛ ليختبرها ضمن مواقف تختلف عليه وعلى أرض الواقع، حتى يدرك معها كل ما يمتلكه؛ ليفخر به، والحق أن مصدر فخره سيعود لهويته التي تميزه وتستحق بأن يفتخر بها، والتي تحمل جوانب عديدة تعبر عنه، ولكن نظراً لتزاحم الثقافات على السطح، فلقد بدأت المخاوف تلعب على وتر خطير يُهدد هذه الهوية من الاندثار، ويؤثر عليها سلباً بما يمكن بأن يسلبها حقها من الحياة والوجود في قلب صاحبها كما يجدر بها بأن تكون، والخوف من هذه المخاوف يسمح للقلق بالتحكم بزمام الأمور، وهو ما قد يعبث بوقت ومزاجية الفرد، أي أنه كل ما سيؤثر على إنتاجه وسط محيطه الداخلي والخارجي، وهو ما سينجم عنه الكثير من التأخير، الذي وإن تكرر منه ومن غيره فإنه سيعود بكل سلبياته على المجتمع؛ ليخرج الأمر عن حدود الأذى الفردي ويتمرد فيدخل على حدود الأذى الجماعي، الذي يتطلب تدخلاً بين الحين والآخر يُعيد الأمور إلى صوابها بمهمة تتطوع بها صفحة الزاوية الثالثة، وإن كان ذلك بالتقدم بجزء بسيط جداً نأمل بأن يسهم بتقديم أي لون من ألوان (المساعدة) التي يحتاج إليها المجتمع، ونحتاج إلى المبادرة بها طالما أننا نملك منها ما سيحقق ذلك. إن الحديث عن موضوع بهذا الحجم لا يقل أهمية عن التحدث بأي موضوع آخر يكتسح الساحة ويشغل بال من يشغله؛ مهدداً راحة باله؛ ليلقي بكل شيء خلف ظهره، ولا يلتفت إلا لهذه الأخيرة وذلك؛ لأن موضوعنا لهذا اليوم يحمل معه خطراً بعيد المدى لا نستطيع التعرف عليه منذ البداية؛ لأنه كالسم الذي يخالط الحلوى، ولا يصل إلينا ضرره إلا بعد أن تُفقدنا حلاوته القدرة على التمييز، ونكتشف أننا ومع مرور الوقت قد قطعنا شوطاً هائلاً أسهم بتدميرنا وأسهمنا بمساعدته على ذلك، دون أن ندرك حجم تلك الجريمة التي ارتكبناها بحقنا، والفضل يعود وبكل فخر إلى (الجهل)، الذي ما كان ينبغي بأن نسمح له بالمرور منذ البداية؛ ليعبث في ما بعد بهويتنا قلباً وقالباً، والدليل على ما نقول هو التأثر الصريح الذي يطغى على البعض؛ بسبب تأثره بإندماج الثقافات وبشكل سلبي لا يُضيف له أي جديد، وكل ما في الأمر أنه يسحبه بعيداً عن هويته الحقيقية؛ ليأخذه نحو ملامح جديدة لا تمت له بصلة، ولا يعني هذا الكلام بأن ننبذ كل جديد تنبس به الثقافات الأخرى، التي بدأت تزاحم ثقافتنا الإسلامية التي تتشكل معها وبفضلها هويتنا، ولكن أن نأخذ ما لا يمكن بأن يقع بضرره علينا؛ لنضيفه على خبراتنا الحياتية، فنتقدم بكل جديد يليق بنا، وهو ما يعني تمسكنا بهويتنا الحقيقية مع إجراء بعض التعديلات التي قد يتطلبها الأمر، مع مراعاة عدم المساس بالأصل، وهو ما نقبل به من إندماج الثقافات، الذي فُرض علينا ولا يجدر بنا الهروب منه، ولكن الاستفادة منه بأكبر قدر ممكن وبأفضل الطرق الممكنة، التي ستعود علينا بربح أكبر سيقلص حجم الخسائر المتوقعة. إن التطور الذي يغلب على كل شيء في حياتنا قد امتد حتى وصل بنا إلى مراحل بعيدة جداً لم يكن العقل ليدركها من قبل، وهو ما قد سهل عملية التواصل التي كشفت لنا النقاب عن ثقافات جديدة علينا، يمكننا تحديد حاجتنا منها؛ لتحديد حجم الفائدة التي نرغب فيها، دون أن نتسبب بذلك بكثير من الفوضى التي يمكن بأن تؤثر على حياتنا سلباً، حيث إن هذا التأثر وما سيجود به من تأثير لا يقف عند حد اللعب بالشكل، ولكنه ذاك الذي يؤثر وللأسف بالمضمون؛ ليصبح مع الوقت متأصلاً فينا وفي الأجيال القادمة، التي ستبادر به يدفعها نحوه الواجب الذي لم يكن يوماً كذلك. إن الخوض في (موضوع الهوية) مهمة تفرضها غاية الحفاظ على أصالتها تلك الهوية، التي تحتاج لمن يحافظ عليها من الفساد، الذي يمكن بأن يعبث بها، ولابد وأن ندرك كيفية الحفاظ عليها، بالتعرف على ما يمكن بأن يؤثر عليها من المقام الأول، فالأمر أكبر بكثير من مجرد التعرف على مصدر الضرر؛ لأنه يحتاج إلى إيجاد الحلول المناسبة؛ لمعالجته ومعالجته بما يُرضي الجميع. *من همسات الزاوية الثالثة كن كما أنت وعلى ما أنت عليه، دون أن تتغير وتسير نحو جديد ترغب فيه إلا أن كان مناسباً سيُضفي ويُضيف عليك الكثير وذلك؛ كي تتجنب العبث بهويتك التي تعبر عنك وتترجم طبيعتك؛ لأنك وإن فعلت فستخسر هويتك وذاتك، ولن تجد وفي نهاية المطاف منك إلا ما لا يعبر عنك بتاتاً.