11 سبتمبر 2025
تسجيلكثيرة هي تلك النعم التي أكرمنا الله بها، فهي لا تُعد ولا تحصى، ومن فضل الله علينا أننا نملك كل ما نحسبه طبيعياً، ودون أن نفكر به كنعمة لابد وأن نشكر الله عليها (إلا من رحم ربي منا)، وهو ما يجعلنا نلتفت أحياناً عما نملك ويُحسب على النعم؛ لنبحث عما لا نملكه ولا نستحقه أصلاً، وكل ذلك فقط لأننا نحسب بأنه من نصيبنا وأنه ما نستحق من هذه الحياة، وخلال رحلة البحث تلك نجد من يتربص بنا، ويبحث له عن نعمة يريدها لنفسه وإن لم تكن لنفسه وفيها، وهو ما قد يأخذ العديد من الأشكال منها: ما يكون من الوعي، ومنها ما يتجاوز الوعي؛ ليصبح من غيره، وهو الأصعب الذي يجعلنا نفقد تلك النعم أو نفقد من يفقدها منا. النفس البشرية ليست معصومة عن الخطأ، فهو وارد في حياتها، ولكن أياً كان حجمه، فإن ذلك لا يعني أن تستمر فيه متى أدركته، بل إنه يتوجب عليها تصحيحه، والحسد في صيغته التي تشمل تمني زول النعمة عن الغير، لا يقف على رأس الخطأ فحسب بل إنه يتسبب بالكثير من المشكلات التي تقع على رأس المحسود، وهو المعني من الأمر والمتضرر الأول فيه، وهذا الأخير هو الفرد الذي ينتمي إلينا وإلى مجتمعنا الإنساني، الذي يتوجب علينا أن نبقيه نظيفاً، ونحافظ عليه؛ ليظل كذلك، أي خالياً من (شر النفوس)، الذي يترك الكثير من الأضرار، التي سرعان ما تغير صورة الحياة وتؤثر فيها وعليها بشكل واضح وبشع، فتجعلها مكاناً غير مرغوب فيه؛ لنجد وعلى أثر ذلك بأنها تصبح مملة وكئيبة وقاتمة اللون، حتى ننقذها والمتضرر منها بتحصينه وتحصينها جيداً وبشكل جدي تماماً كما ورد ذكر ذلك في القرآن والسنة، وهو أول ما يتوجب عليه القيام به ومن قبل كل شيء، خاصة أن الضرر لا يقع عليه وحده بل على كل من يهتم لأمره، ويرتبط به لأي سبب من الأسباب. البعض لا يجيد إلا الحسد وتمني زوال النعم من الآخرين وعنهم، وللأسف فإنه يفعل ذلك بعد أن يتعلق على رقبة مجموعة من الأسباب التافهة والوهمية أهمها بالنسبة إليه: أنه يعطي الحياة دون أن يأخذ منها شيئاً، ويحسب بأنه يعطي أكثر من غيره، وأن أقرانه لا يبذلون من الجهد ما قد يبذله هو في سبيل تحقيق ما يريده، وهو الخطأ بعينه؛ لأن غيره يجد ويجتهد ولم تكن الحياة بالنسبة له هينة، ولكنه من جد فيها وضاعف جهوده حتى يحقق ما يريده. إن القصص التي نسمعها بين الحين والآخر وتشهد على دمار الكثير من الأسر تبدأ من الحسد، الذي ينطلق مع أول شرارة تنطلق من صاحبها؛ كي تزول نعمة صاحب النعمة، دون أن يدرك أو يحاول تدريب نفسه على كبح حسده عن الآخرين فلا يدمرهم، وهو ما يتوجب عليه فهمه وتفهمه فلا يتفشى بيننا ذاك المرض؛ لنعاني منه، ونصبح أكثر تقوقعاً على أنفسنا وما نملك؛ كي نتجنب ذلك، وهو ما سيشهد هروبنا أو خروجنا عن دائرة الحياة؛ لتخلو من الجميع إلا من تميز بالقوة والصلابة وتمكن من مواجهة الأمر بكثير من العزم والقوة والإيمان بأن الله أكبر من أي شيء. إن تسليط الضوء على هذا الموضوع واجب بحكم أنه يمسنا، ويمس حياتنا وبشكل يومي، فهناك من يعاني لجهله بأثر الحسد، وحجم الضرر الذي يمكن بأن يتسبب به، وهناك من يعلم بحجم الضرر الذي يتسبب به حين يقع منه على غيره دون أن يتوقف عن ذلك قاصداً به تدمير حياة الآخرين، وهو الحق ما سيدفعنا إلى خوضه والتحدث فيه من خلالكم وعن طريقكم فهو لكم ومن المقام الأول، فإليكم.