15 سبتمبر 2025

تسجيل

نصوص ناقصة

25 أبريل 2016

كثيرا ما يبدأ كاتب ما، كتابة نص روائي أو قصصي، تكون فكرته مكتملة، وبعض أركانه متوفرة في الذهن، ويمكن بالاستمرار في كتابته، أن يحصل على نص متميز إلى حد ما، لكن فجأة تحدث ظروف طارئة، وينقطع الكاتب عن نصه مرغما عدة أيام أو أشهر، وربما سنوات، وحين يتذكره ويعود إليه، غالبا لا يحصل عليه كما كان، أي أن النص لا ينتظره بنفس توهجه، ليعود ويعمل عليه، ولكن ينطفئ، وتصعب عملية إعادة إشعاله مرة أخرى، وإن حدث واشتعل، سيكون ذلك اشتعالا باردا، وغالبا ما يحدث بعد محاولات مضنية.ما ذكرته ينطبق على الذين يكتبون الرواية بشكل يومي أو متقطع على حد سواء، لأن الكتابة المتقطعة، لا تعني أن يكتب أحدهم صفحة أو صفحتين كل عدة أيام، أو عدة أشهر، وإنما في الغالب تحدث حسب الزمن الذي يحصل عليه الكاتب، في ازدحام يومه، بحيث يسرع ليدون كل خواطره، ويمكن أن يحدث ذلك عدة مرات في اليوم أو الأسبوع، من دون أن يفقد النص بريقه في ذهن الكاتب. شخصيا أميل للكتابة بشكل مستمر حتى ينتهي النص، إن جاءتني فكرة، ووجدتها تستحق عناء أن أفكر في كتابتها، ثم إن جاءتني بعد ذلك بداية نص، وهكذا أحاول أن أنتزع الوقت لأكتب بلا انقطاع حتى ينتهي النص وإن حدث وانقطع لأي ظرف كما ذكرت، تبدأ أهميته تتناقص في ذهني إلى أن يصبح نصا غير مكتمل، أو نصا مهملا، لا أمل في إيقاظه مرة أخرى والعمل عليه.لقد عدت مؤخرا إلى أوراقي القديمة، قبل أن أدخل تقنية الكمبيوتر، وأيضا إلى بعض الديسكات القديمة، حين كانت رائجة في حفظ النصوص والصور، عثرت في تلك الأوراق والديسكات على عدد من النصوص التي كتبتها بحماس فعلي، وضاعت بعض ذلك لأسباب لم أعد أذكرها، لكنها غالبا أسباب مثل المرض أو السفر لفترة طويلة. بعض هذه النصوص قصيرا بحيث بدا لي بدايات روايات، لم أتعمق فيها كثيرا، وبعضها طويل، من عدة فصول، وواضح أنها كانت روايات تحمل هيكلها وأفكارها، وللأسف، انتهت إلى الإهمال.من هذه النصوص، نص اسمه: غثيان، عثرت عليه مؤرخا بنهاية التسعينيات، أي في الفترة التي كنت ما أزال متأثرا فيها بالشعر، لكن كان ذلك النص مختلفا فعلا، فالحكي فيه ظاهر جدا، والشخصيات مرسومة كما ينبغي أن ترسم الشخصيات، وأخاله الآن لو اكتمل، لكان بدايتي الحقيقية في السرد، أي بداية ملامح أسلوبي الذي يزاوج بين الشعر والنثر من دون سيطرة للشعر على النص، ودائما ما أؤرخ له برواية مهر الصياح.القصة عن شاب ريفي، قرر أن يترك الريف فجأة، ويسافر للعاصمة، واستعان في التعرف إلى طريقه، وما يمكن أن يقابله في العاصمة، قبل أن يندمج فيها، برجل من العاصمة، استقر في الريف منذ فترة وأسس مطعما جيدا.حقيقة لا أتذكر ماذا كان مثار قصة غثيان، وماذا كان سيحدث للريفي المهاجر، وهو في العاصمة، والآن قطعا لن أفكر في ذلك، لأنني لن أعود لإكمال هذا النص.