14 سبتمبر 2025

تسجيل

الحياة كمرآة ثلاثية الأبعاد

25 أبريل 2011

يومياً وفي كل صباح أتأبط مللي وشعوري المعقد في طريقي للعمل، وأقابل وجوها لم آلف بعضها ومع ذلك استمر في التعامل معها والتحديق بها والاستماع إلى كل الأصوات التي تصدرها شئت أم أبيت، وكثرة التعليقات والأحاديث حول الماركات والسفرات والأجناس وغيره، أبلع يومياً حبوباً تقاوم الشعور بالغثيان بابتسامة مجاملة وأذن مستمعة وعينين تراقبان (ش) بطلة الحوارات السمجة، بعد فترة عصيبة بدأت اعتاد عليها وعلى مجموعتها. (ش) نموذج من الفتيات الأنيقات لحد الهوس فهي لا تكل ولا تمل من الحديث عن الموضة والمجوهرات والماركات العالمية ولا عن الأحذية أعزكم الله التي أغرمت بها لحد الجنون! تتابع الجديد والحديث ومواعيد وصولها، تقضي باقي يومها في الأسواق والمطاعم الراقية تلبس العباءات (المستعبئة) المضروبة بإعصار أكثر دماراً من تسونامي تغير هاتفها بشكل دوري، تتفنن في ألوان مكياجها الصباحي المزعج، عيناها مشغولتان في مراقبة مظهر زميلاتها والمراجعات الخارجي، فهو المقياس الذي تضرب به علاقاتها بالآخرين لذا كل صديقاتها بنت فلان وفلان وفلان اللائي نسمع عنهن ولانعرفهن! لا تفتأ دائماً تتصيد عيوب الآخرين بأسلوب ساخر ووقح في أحيان كثيرة ومع هذا نضطر للتعامل معها ونتجاوزها، ذات نهار انتهت ساعات العمل خرجنا متأخرين نوعاً ما وجدتها تنتظر خارجاً، عرضت عليها (توصيلة مجانية) بصدر رحب قبلت، وكانت المفاجأة التي (خربطت) الأمور في رأسي (ش) التي (أزعجتنا) بالمظاهر والترف تسكن في بيت شعبي متهالك يقبع في احدى المناطق المنسية في الدوحة، لم أصدق عينيّ وهي تشير لي بالتوقف أمامه، علقت مازحة ماشاء الله عدد السيارات كبير أمام منزلكم أجابت نعم هذه سيارات اخوتي وزوجاتهم واخواتي! عدد كبير يسكن بيتا متواضعا، راقبتها وهي تنزل من سيارتي بغنج صناعي وتودعني وتطقطق بكعبها العالي المتعالي في أرضية متكسرة، وكل ما يدور في عقلي ليست الأشياء كما تبدو دائماً، فـ (ش) نموذج من بعض الشباب من الجنسين المولع بالمظاهر لدرجة المرض لأنه يسيطر على سلوكياتها ويفرض عليها أيضاً اختياراتها في علاقاتها البشرية، فهي لم تتزوج لأنها تنتظر (العريس الفرصة) الذي يلائم برستيجها ويحقق لها رغباتها والرفاهية التي تريدها. لا أخفيكم أنني سخرت من هذه الحياة المتبجحة بالشكليات والمظاهر، فالمهم من نحن من أي عائلة ومن أي جنسية ومن أي لون كم لدينا في البنوك أين نسافر أين نسكن من نناسب ماذا نرتدي ولكن ديننا وخلقنا وعقولنا ليست مهمة، فهي مجرد تحصيل حاصل نكمل به مظاهرنا الراقية المتمدنة! كثير من الأمور حولنا ليست كما تبدو تخدعنا بوقعها الأول في نفوسنا ولكن لو تأملنا أو انتظرنا لاكتشفنا أن الواقع مختلف جداً ومناقض للحقيقة، يغيره البعض ليخفوا عيوبهم أو لينكروا واقعهم الذي يرفضونه داخلياً هذه هي العقدة! التي تجبرهم على مجاراة حياة ليست لهم لمجرد أنهم يريدون أن يغيروا واقعهم! تغيير الواقع ليس عيباً ولكن عندما يتركز على قشور الأمور يتحول إلى كارثة مجتمعية تأتي ثمارها على المدى البعيد!. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. العين تخدعنا فنغفل دون إدراك عن حقائق كثير من الأمور لأن الخارج هو فقط ما نراه، وهذه هي مشكلتنا فنحن قوم (مظهريون) لحد الضياع أحياناً في لا شيء.